TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > وقفة: حالات غير عادية

وقفة: حالات غير عادية

نشر في: 11 إبريل, 2010: 05:18 م

محمد درويش علي كان يدفع بعربة أمه المعوقة وهو يتقدم الى بناية المدرسة التي فيها صناديق الاقتراع، وعندما سمع دوياً، رنا الى أمه، فقد  كانت أقوى عزيمة منه واندفاعاً صوب البناية ليدليا بصوتيهما، وقبل الوصول الى باب البناية سمعا دوياً آخر، عندها دخلا البناية، وأدليا بصوتيهما وبعدها غمسا ابهاميهما باللون الأزرق وخرجا من البناية،
 وعندما وصلا البيت تناقشا حول الانتخابات والتفجيرات ومن يقوم بذلك والغاية منها وتشعبا في الحديث حتى وصل بهما إلى الزمن الفائت وكيف كانت تجري الانتخابات ويحصل القائد الضرورة على الدرجة العليا من دون منافس، وتكلما عن الدكتاتوريات في العالم وهم يحصلون على الدرجات وبالطريقة نفسها. مشهد ثان: معوق يسير على الأرض وهو يدفع بحوضه للوصول الى صناديق الاقتراع، وحينما وجهت إليه إحدى الفضائيات كامرتها رفع يده ليحيي كل من يراه، بهذه الروح العالية ذهب الى صناديق الاقتراع ومنح صوته لمرشحه الذي يريد. مشهد ثالث: نهض في صباح ذلك اليوم مبكراً، وارتدى دشداشته ويشماغه واتكأ على ثمانية وهو يحمل عصاه ليتحمل آلام قدميه لأنه سيقطع مسافة أكثر من خمسة عشر كيلو متراً كونه انتقل الى مكان آخر، وظل يسير ويقف ليخفف من آلام رجليه حتى وصل الى القاعة الانتخابية وانتخب الذي حلف أغلظ الايمان بأن ينتخبه وعندما عاد الى البيت لم يكن يشعر بالتعب مثل كل يوم لأنه حقق ذاته. مشهد رابع: رجل طاعن في السن لايقرأ ولايكتب، دخل الى قاعة الانتخابات وهو يبسمل، أخذ الورقة من الموظف وطلب منه ان يقسم له ويدله على الاسم الذي يريد، وعندما دله على الاسم لم يكتف بذلك فذهب الى موظف آخر ليتأكد، وبعدها وضع ورقته في الصندوق. أما الأطفال فببراءتهم المعهودة كانوا يريدون الإدلاء بأصواتهم، وسط كلماتهم المليئة بالعفوية. هذه حالات وحالات مهمة من يوم الانتخابات التي جرت قبل أكثر من شهر، واحتفظت بها الذاكرة، وبالتأكيد هنالك حالات أخرى ربما كانت أهم من هذه التي دوناها ولم نرها لنسجلها، وأقول بهذه الروحية كان المواطن العراقي وهو يسور وطنه باختياره مرشحه ليبني بلده الذي خربه أصحاب الضمائر الميتة الذين لا علاقة لهم لهم بأي شيء أنساني، ولا يعرفون غير القتل وسفك دماء الأبرياء الملتصقين بالوطن حد الشهادة. السؤال الذي يطرح الآن في الشارع هل الذين فازوا بالانتخابات هم  بمستوى تضحية وتصميم هذا المواطن البطل الذي أطاح بالأوهام التي كان يتداولها المغرضون عندما راهنوا على أن المواطن العراقي لا يذهب هذه المرة الى صناديق الاقتراع؟ نتمنى ان يكون المنتخبون بهذه الروحية ويتنازلوا عن أنآهم ويدعوا الكراسي جانباً إكراما لهذا المواطن، وان يشكلوا الحكومة الجديدة، ليحقنوا دماء الأبرياء  ويعود الوطن معافى مثلما كان، لاان يتركوه نهباً للغرباء!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram