عبدالله السكوتي وهذه الحكاية تحكي ان عراقياً دعا احد اصدقائه الايرانيين لطعام العشاء، فجلب الخادم طبقاً كبيراً من (الدولمه)، وهي حشو من الرز الممزوج باللحم المفروم يغلف بورق العنب او السلق، فقال العراقي: بفرما اغا، يعني تفضل ، فامتنع الايراني عن تناول (الدولمه)
بعد ان تأملها لانه لم يألف هذه الاكلة من قبل، فتأثر الداعي من هذا واخذ يحدث ضيفه عن لذة (الدولمه) وطعمها غير ان الضيف قال له : (در اين طعام حيلت هست) اي ان هذا الطعام مغشوش فتعجب صاحب الدعوة من ذلك وسأله باللغة الفارسية: جرا؟ اي لماذا؟ فغضب الضيف وقال: اكر حيلت نداري؟ جرا لفلف ميكوني) اي لو لم يكن هذا الطعام مغشوشا ! فلماذا لف بورق العنب؟ ونحن لانستطيع ان نقول (ان الجرة مزروفة) لان المدافعين عنها كثيرون، ولا احد سيصدق حتى ان عدنا للنهر مرات عديدة ؛ ولو كانت لدينا الاستطاعة لاكتفينا بالحكاية وتركنا التعليق لانه كما يقولون: (ان المرء مخبوء تحت طي لسانه) ، وبالتالي فقد مدح الكثيرون الصمت وعرّضوا بالكلام لانه مثار الشرور وجالب المآسي.ومع هذا وذاك لانريد ان ندخل الغش في تخميناتنا ونأخذ القوم على حسن نواياهم ، فقد تعبوا كثيرا، واخذت الانتخابات منهم مـأخذاً كبيراً وجهدا مضاعفا، والان تأخذ منهم التوافقات ما تأخذه، وعسى ألا يسمعوا كلمات الاخرين ويهتدون بهداهم ليبقى اللحن عراقيا لاتشوبه شائبة ولايتدخل فيه من يريد افشاله في الباطن، ويظهر الحرص على انجاحه في الظاهر، فقد تكلم الكثيرون عن تقاسم السلطة وكانت مقترحات عديدة ومنها ان تتسلم إحدى الشخصيات رئاسة الوزراء لمدة سنتين ومن ثم يأتي الفائز الآخر ليتسلمها لسنتين اخريين ، وهذا مجانبة للصواب وربما يؤدي الى الوقوع في المحاذير وربما المشاكل التي ستطول وتطول وربما يصبح هذا الاقتراح (القشة التي تقصم ظهر الجمل).الديمقراطية في العراق مع ماهي عليه ، خطت خطوات جريئة بعد تشكيل الوعي لدى الشعب العراقي خلال فترة قياسية، كنا نتوقع ان يجري ماجرى في الانتخابات في السابع من آذار، بعد 16 عاما او اكثر اي بعد اربع دورات انتخابية، لكن الوعي الذي يحاول ان يتخلص من مأزق سيطرة القواعد الجاهزة والايديولوجيات، كان ناجحا بالتمييز وكانت انتخابات تنبئ ان الشعب العراقي قد عرف دوره وقدر مسؤوليته التاريخية في انجاح هذه التجربة الفريدة بنوعها بين دول المنطقة؛ ولم يبق الا القليل كي نحرز تقدما كبيرا يشار اليه بالبنان.طبعا الامر منوط بالكتل الكبيرة، وثقافتها في تداول السلطة سلميا، وهذا هو بيت القصيد لانها لن تكون آخر انتخابات، ولم تكن هي الاولى ، صحيح ان من يحكم اربع سنوات يحتاج الى اربع اخرى لاستكمال مسيرته ومشاريع حكومته وقوانينها العديدة ويكمل ما بدأه، لكن لتكن الثقة كبيرة بالاخرين والتعويل عليهم في ترجيح كفة الشعب والاهتمام بالخدمات وكذلك الانصراف الى الوطن ومحاولة مداواة جراحه بتؤدة ورفق.
هواء فـي شبك :(اكر حيلت نداري؟ جرا لفلف ميكوني)
نشر في: 11 إبريل, 2010: 08:31 م