TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مترو بغداد.. بلا حسد!

مترو بغداد.. بلا حسد!

نشر في: 8 ديسمبر, 2017: 05:12 م

adnan.h@almadapaper.net

 

وأخيراً، لاح ضوء في نهاية النفق، فثمة أخبار تُنبئ بأنه قد جاء، أو بالأحرى سيجيء، الفرج المنتظر طويلاً، طويلاً، لأهالي بغداد – خارج المنطقة الخضراء - وزوّارها المعذّبين خنقاً بالزحامات المرورية التي فاقمتها أمانة بغداد هذه السنة بإغلاق الجزء الأكثر حيوية من طريق محمد القاسم السريعة في فترة الذروة السنوية التي تبدأ مع مفتتح العام الدراسي الجديد!
الفرج المؤمّل سيطفح هذه المرة ليصل إلى البصرة، إن لم تجرِ الرياح فوق شط العرب والخليج العربي بما لا تشتهِي السُفن، كما هو حاصل دائماً وأبداً مع المشاريع التي فيها منفعة وجدوى لعموم الناس، كمشاريع الكهرباء والصحة والتعليم والماء والصرف الصحي والنقل، وهي الأهداف الرئيسة للفاسدين والمُفسدين في هذه الدولة وفي هذا العهد الذي لم يثبتْ حتى الآن أنه أفضل كثيراً من سابقه ويستحقّ كل التضحيات الجسام التي قدّمها الشعب العراقي في سبيله.
شركة ألستوم الفرنسية أعلنت الأربعاء الماضي عن أنها وقّعت مذكرة تفاهم مع العراق لإنشاء خطّ مترو معلّق في بغداد وخطّين في البصرة. بالطبع بين التوقيع على مذكرة التفاهم والبدء بوضعها موضع التطبيق والتنفيذ الكثير من الجدري والحصبة، بحسب تعبيرنا الشعبي، وبين الوضع موضع التنفيذ والانتهاء الكثير من الجدري والحصبة وربما الكوليرا أيضاً، فثمة جيش جرّار من الفاسدسن والمفسدين يرابط في الطريق لـ"تشليح"الشركات والمقاولين الذين سيتولّون التنفيذ.
إعلان الشركة الفرنسية أوضح أنّ مشروع مترو بغداد البالغ طوله عشرين كيلومتراً سيستغرق العمل فيه خمس سنوات.. بالطبع ليس في وسع أحد أن يضمن حصول ما تعِدُ به الشركة، فهناك الكثير من المشاريع التي صُمِّمت لتُنجز في سنة أو بضع سنوات واستمر العمل فيها سنوات عدّة، بل بقي الكثير منها"على النصّ"أو حتى عند مرحلة وضع حجر الأساس ليس إلّا.... وفتشوا عن الفساد دائماً!
مشروع مترو بغداد يرجع تاريخه إلى مطلع عقد الثمانينيات من القرن الماضي. كان مشروعاً طموحاً يربط مركز العاصمة بضواحيها بشبكة من خطوط السكك الحديد تحت الأرض تشتمل على العشرات من المحطّات، بيد أن حروب صدام الداخلية والخارجية أطاحته مثلما أطاحت تنمية العراق ورفاه شعبه، بل ألقت بهما إلى جحيم الموت والخراب والدمار.
عاد المشروع إلى التداول في 2011، يوم ظلّت سماء العراق لسنوات عدّة تمطر دولارات بفضل فورة أسعار النفط (أكثر من مئة مليار دولار سنوياً)، بيد أنّ الفاسدين والمفسدين الذين فرّوا بالجمل وما حمل، لم يتركوا شيئاً لمشروع المترو المُقدّرة كلفته نحو مليارين ونصف المليار من الدولارات فقط لا غير، وهي كلفة لا تكاد تُذكر بالمقارنة مع المليارات المئوية من عائدات النفط في تلك السنوات، بل إنّ الفاسدين والمُفسدين لم يتركوا شيئاً حتى لمشاريع متناهية الصغر كالمستشفيات والمدارس!
لنتفاءل بالخير لعلّنا نجده هذه المرة، خصوصاً أنّ مشروع مترو بغداد قد اختُصِر من نحو عشرة خطوط لا تترك حيّاً أو ضاحية في بغداد إلا وتبلغه، إلى مجرد خط واحد يبدأ من منطقة المحطة العالمية في الكرخ وينتهي بمنطقة الجامعة المستنصرية في الرصافة.
لنتفاءل هذه المرّة... ولنقل: اللهمّ خُذ بيد حكومتنا وأمانة عاصمتنا إلى طريق الصلاح والإصلاح، واحمِهما"من شرّ غاسق إذا وَقب، ومن شرّ النفّاثات في العُقد، ومن شرّ حاسد إذا حسد".
قولوا: آمييييييييين..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. katrin Michael

    نعم لهذا الموضوع المهم انه يُفيد العراقيين أجمع لكن ممكن أيضا لن يكون نقمة ربما يتعرض الى كمائن مستمره على المواطن وعليه يجب الاهتمام بحماية جدية من قبل شرقات ذو أخصاص . المترو اكبر مصيدة للمجرمين لتنفيذ مطامحهم . وعليه يجب الاهتمام بنفير رقابة بأجهزه ح

  2. ياسين عبد الحافظ

    لماذا مترو معلق؟ واين الارض؟ هل تعاني من نقصا فيها؟؟ كنت آمل أن ترتقي المدى في اعتمدتها وقد اختبارها في تعليقي على افتتاحيتها ماقبل الأخيرة حين نشرها ليلة دخول الجيش العراقي لكركوك ليكتب افتتاحية حول شاعرة إيرانية اسمها( فرزوخ)!!!ليس المهم ان تعليقي لم ين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram