في لقاء ضمنا نحن الاعلاميين والاكاديميين مع رئيس مجلس النواب الدكتور سليم الجبوري طرحنا امامه قضية عزوف اغلب النازحين عن المشاركة في الانتخابات بناءً على استطلاعات اجريناها معهم لأنهم لايجدون ضالتهم في الانتخابات بل في الحصول على الاستقرار والأمان..اعترض الجبوري على ذلك بقوله اننا نحن الاعلاميين نسأل المواطن عن معاناته فينشغل بسردها لنا وهذا مايبعده عن التفكير في بدائل ومهمتنا أن نساعده على التفكير في البدائل ويعني بها المشاركة في الانتخابات..
لانريد أن ننكر لهفتنا الى إقامة دولة ديمقراطية والى تطبيق انتخابات نزيهة ولن ننكر أهمية دورنا في حث المواطنين على المشاركة في الانتخابات، ولكن ليس من مهامنا أن نضع البدائل أمام المواطن لينسى معاناته فهو يريد حلولاً جذرية وليست ترقيعية أو مؤجلة لما عاناه ولازال يعانيه، فكيف يمكننا أن نقنع نازحاً بالعودة الى منطقة ليس فيها أية خدمات وبدون أن يحصل على تعويضات مادية تساعده على إعادة ترميم ماخربه القتال مع داعش، وكيف يمكن أن نعيد الثقة لنازح أدرك أن حكومته المحلية ونوابه كانوا مسؤولين عن ضياع الأموال المخصصة لإعمارها..كيف سيجد بدائل جاهزة خلال هذه الفترة القصيرة بينما لايمثل له مرشحو مدينته أكثر من وجوه مستهلكة لم ولن تقدم له مايصبو اليه من أمان واستقرار..
دورنا ليس سلبيا يادولة رئيس مجلس النواب فنحن نهب قبل كل انتخابات لدعوة المواطنين الى المشاركة فيها أملاً في بناء دولة ديمقراطية حقيقية ونأمل أن يتم ذلك وفق أسس نزيهة وأن تؤدي الوجوه الفائزة دورها بما يضمن انجاح العملية السياسية في البلد لكننا نحن أنفسنا نعاني من الخيبة ومن فقدان الثقة بنجاج العملية السياسية مع وجود تلك الوجوه فكيف يمكننا أن نقترح انتخابها مجدداً على نازح يمنع على سبيل المثال من العودة الى منطقته لأن هنالك من استولى عليها وهل سنوفر للنازحين ماسيدفئهم في الخيام شتاءً ويحميهم من اجتياح مياه الامطار لخيامهم كما حدث في العام الفائت.كيف سنقنع أمّاً فقدت ولدها أو زوجة ترمّلت في عز شبابها وبقي لها أيتام يجب أن تتولى رعايتهم بأن تتوجه الى صناديق الاقتراع لتلوث أصبعها بالحبر البنفسجي أملاً في تغير الأحوال الى الأفضل بما يعوض غياب الابن والاب والزوج؟...يجب أن تقدر يادولة الرئيس صعوبة مهمتنا وقبلها يجب أن تشعر بصعوبة الوضع المعيشي لاولئك النازحين والضغوط النفسية التي تحاصرهم منذ أن فقدوا السقف والأمان والثقة بالآخرين وباب الرزق، وإن كان هناك من عليه أن يقدم لهم البدائل فليس الاعلامي الذي يلتقي بهم ليقوم بايصال صوتهم الى الحكومة بل الحكومة ذاتها فهم ابناؤها وعليها تقع مهمة رعايتهم لأن الرعاية الحقيقية تعيد زرع الثقة والأمل بالمستقبل وعودة الثقة والأمل يمكن أن تحفز النازح على المشاركة في العملية الديمقراطية باعتبارها الوسيلة الناجعة لشفاء جروحه...
سنحاول أن نتناسى مامر بنا في السنوات السابقة ونحقن أنفسنا بمحفزات جديدة لكي لانكون عناصر سلبية في المجتمع وسنفترض إن من سيخوض الانتخابات المقبلة يتحلى بالشعور الوطني وإن شعاراته التي نادى بها قابلة للتطبيق وإن انتخابه يتسم بالنزاهة والشفافية لكننا لن نكون قطعاً الأداة التي تدفع النازحين وسواهم الى المشاركة في الانتخابات بل الاهتمام الحقيقي من الحكومة..الحكومة فقط..
النازحون والانتخابات
[post-views]
نشر في: 8 ديسمبر, 2017: 09:01 م