تعمل الولايات المتحدة الامريكية والمجتمع الدولي لتأمين منح لإعادة إعمار المدن العراقية المحرّرة قد تفوق الـ 115 مليار دولار، يأتي ذلك بُعيد حملة يقودها رئيس الوزراء العراقي لمكافحة الفساد يعتقد أنها جاءت كرسالة طمأنة للدول المانحة والمستثمرة المشاركة في مؤتمر الكويت للمانحين المرتقب بأن الأموال التي ستنفقها لن تذهب لجيوب الفاسدين، فيما يستبعد خبير امكانية تحقيق ذلك المبلغ، يأمل انشاء صندوق بإشراف الدولة وهيئات رقابية لتلافي وجود هدر أو فساد، لكن مستشار العبادي المالي يؤكد: أنّ الأموال ستدفع وفق معايير دولية صحيحة ونظام مالي تنفيذي شفاف وكامل يطّلع عليه المجتمع الدولي.
وفيما أكد السفير الأميركي لدى العراق دوغلاس سيليمان، خلال مؤتمر صحفي، أنّ بلاده تعمل على تأمين منحة دولية للعراق بقيمة 115 مليار دولار أميركي، لتمويل عملية إعادة إعمار المناطق المحررة، ومبالغ تقدر بنحو 1.7 مليار دولار لرفع المخلفات الحربية، قائلاً "العراق دخل مرحلة جديدة وهي تتطلب عملاً كثيراً في مرحلة ما بعد داعش، وتتمثل في إصلاح ما خلفه التنظيم من دمار، كما أن هناك نحو 3 ملايين نازح سيتم العمل على تأمين عودتهم إلى مناطقهم المستعادة".
وزير التخطيط سلمان الجميلي، قال أيضاً في مؤتمر صحفي على هامش توقيع العراق اتفاقيتين مع الاتحاد الاوربي، إن الاتفاق يأتي كمنحة لتمويل تنفيذ مشروعين يهدفان إلى إعادة الاستقرار وعودة المدنيين بالمناطق المحررة وبمبلغ إجمالي يبلغ 60.4 مليون يورو، مشيراً: الى أن "الدول المانحة وهي كل من الدنمارك وفنلندة وإيطاليا واليابان واستونيا والمملكة المتحدة، مبيناً: أنّ المشروع الأول الذي تبلغ منحته قدرها 50.4 مليون يورو مخصصة للمساعدة على إعادة الخدمات الأساسية وإصلاح البنى التحتية العامّة وكذلك لإعادة الحياة للنشاط الاقتصادي واستعادة الخدمات الأساسية وكسب العيش من خلال تقديم منح للمشاريع الصغيرة".
وأضاف الجميلي: بأن "المشروع الثاني الذي تبلغ منحته 10 ملايين يورو، سيكون مخصصاً للاستمرار في تسهيل عملية تنظيف الأراضي التي تعرضت للتلوث من التفجيرات، وسيتم ذلك عن طريق مكافحة الألغام في الأمم المتحدة بالتنسيق مع الحكومة العراقية"، مؤكداً أنّ "ذلك سيساعد في خلق ظروف تسمح بعودة آمنة وطوعية لأكثر من 3 ملايين نازح".
الولايات المتحدة دولة صديقة وحليفة للعراق لها دور كبير في مساعدته لمحاربة الإرهاب، لوجستياً وتدريبياً، كما أنها وفي ذات الوقت، رعت مؤتمر واشنطن لتحالف 68 دولة في تموز 2016، وجمعت اكثر من ملياري دولار لتهيئة سبل الاستقرار في البلدات والمدن المحررة لاسيما عودة النازحين مع تأهيل شبكات المياه وحفظ النظام والقانون وإزالة الالغام كما يقول المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح في حديث لـ(لمدى)، الذي يؤكد أنّ ما صرح به السفير الامريكي كان يقصد بمبلغ 115 مليار دولار، هو كلفة اعمار المناطق التي دمّرت بسبب الارهاب الداعشي وهذا هو سعي دولي.ويشير: الى أن الولايات المتحدة وكونها راعية، فهي كما قادت التحالف ضد الارهاب تقود اليوم تحالفاً للإعمار، بالتالي فإن مبلغ 115 مليار دولار هو مبلغ يحتاجه العراق، فهو سيكون جزءاً من تنمية العراق الشاملة، الأمر الذي سينعكس في مؤتمر المانحين، وبشأن المخاوف من امكانية هدر هذه الأموال بالفساد، أكد صالح: أنّ العراق لن يعود الى المربع الأول، لأننا نعيش اليوم في مرحلة البناء والسلام وهذه المشاريع والأموال ستدفع من خلال أدوات واساليب وفق المعايير الدولية الصحيحة وضمن نظام مالي وتنفيذي شفاف وكامل سيكون المجتمع الدولي مطّلعاً عليه، كما أن كل الأيادي المخلصة والنظيفة ستأخذ دورها، ولن يكون للغموض في عملية الإعمار مكان.
ويستدرك: أنّ القيادة العراقية الاصلاحية التي حرّرت العراق تعمل على ثلاثة محاور، هي تحرير الأراضي العراقية من الإرهاب الداعشي والقضاء على الفساد وبنفس الوقت، تبني وتعمّر، وهي ثلاث مهام رئيسة ومتلازمة تعمل عليها الحكومة، لذلك فإن العملية ستتم من خلال آليات وطنية صادقة وارادة سياسية، مردفاً: نعم هذه أموال كبيرة وضخمة، لكن لن يكون هناك مال سائب، فكل شيء سيوضع في موضعه الصحيح، ونتائج مؤتمر المانحين في الكويت هو من سيبيّن جميع آليات صرف الأموال سواء للاستثمار أو المنح أو المساعدات، خاتماً: وحتى مسألة اتفاق العراق مع الاتحاد الاوربي للحصول على منحة هي لغرض إعادة النازحين والاستقرار، وهو أيضاً من نتائج مؤتمر واشنطن الذي رعته امريكا العام الماضي.
وعلى الرغم من ذلك يبقى ثمّة تخوف لدى الخبير الاقتصادي باسم انطوان، الذي يقول في حديث لـ(لمدى)، نحن نأمل في أن يكون هناك صندوق نظامي بإشراف الدولة وبهيئات رقابية للنهوض بعملية الاعمار لتلافي وجود هدر أو فساد، لأن المبلغ الذي تتحدث عنه واشنطن ضخم، ولم يثبت حتى الآن بتصريح السفير الامريكي من اين جاءت هذه المُنح، متابعاً: مما يبدو أنهم يعوّلون على شهر شباط من السنة المقبلة، لإقامة مؤتمر المانحين في الكويت، حيث ستجري عملية جباية هذه الأموال ومراقبتها.وكانت الكويت قد أعلنت على لسان نائب وزير خارجيتها خالد الجار الله، أنّ بلاده تجري حالياً استعداداتها واتصالاتها مع البنك الدولي والعراق، للتنسيق وإعداد الترتيبات اللازمة لاستضافتها مؤتمر الدول المانحة لإعادة إعمار المناطق العراقية المتضررة من جراء الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، متوقعاً أن يعقد في الربع الأول من العام المقبل.
انطوان يرى: أنّ هذا الرقم يبقى تقديرياً وهل سيتحقق أم لا، نحن نشك في صحة هذه المعلومة حتى نرى على أرض الواقع تنفيذ هذه العملية، ومن جهة أخرى، فنحن نرى أن الإجراءات الحقيقية التي أعلنها العبادي لمكافحة الفساد في حال طبّقت على أرض الواقع، ستكون موضع ثقة، حينها ستقدم الدول بتقديم المنح للعراق، وبدء حملة مكافحة الفساد تؤكد أن هناك جدية، مع أننا نقر بوجود معوقات لعرقلة عمل العبادي في مكافحة الفساد.
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي، قد حذر (21 تشرين الثاني 2017)، الفاسدين من "اللعب بالنار"، متعهداً بـ"الانتصار" على الفساد، فيما أكد الحاجة إلى إصلاح اقتصادي شامل في القطاعين العام والخاص.
وفي السياق ذاته أكد الأمين العام لمجلس الوزراء مهدي العلاق، أمس الأربعاء، الحاجة إلى إعادة إعمار قطاع الصحة في المناطق المحررة، فيما بيّن أن العراق اتجه من الاقتصاد الشمولي إلى الاقتصاد الحر، وقال العلاق خلال ترؤسه اجتماع الورشة العراقية الكويتية للتحضير للمؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق والتنمية المقرر انعقاده في الكويت في شهر شباط من العام المقبل، إن "العراق يهتم بالجانب الاستثماري ويولي له أهمية في هذا المؤتمر، كون العراق اتجه من الاقتصاد الشمولي الى الاقتصاد الحر معتمداً على امكانياته الطبيعية والبشرية في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية وقدرته على استيعاب الكثير من المشاريع".