لم يكن المدرب الخلوق حكيم شاكر أول المدربين العراقيين الذين يتعرّضون الى انتكاسة مؤلمة مع المنتخبات الوطنية، ولن يكون آخر من يواجه تعاملاً جافاً وحانِقاً من مسؤولي اتحاد كرة القدم على مرّ الحقب التي شهدت حكايات أغلبها ليس لها علاقة بمصلحة اللعبة، بل تحت تأثير السطوات الشخصية لرؤساء الاتحاد منذ عهد عبدالله المضايفي 1948، مروراً بفهد جواد الميرة 1968، وعدي صدام حسين 1985 وصولاً الى حسين سعيد وناجح حمود وعبدالخالق مسعود من 2004 حتى الآن وهي الفترة الأكثر مشاكلَ للثلاثي مع أسرة الكرة.
كان من السهل بعد يوم 20 تشرين الثاني 2014 الذي خسر فيه منتخبنا أمام الإمارات بهدفي علي مبخوت في آخر مباراة للأسود ضمن المجموعة الثانية لدورة خليجي الرياض 22 وحلّ بالمركز السابع في الترتيب النهائي، أن يعمد اتحاد الكرة الى عقد جلسة ودية هادئة من دون انفعال مع المدرب حكيم شاكر، ويحسم اشكالية عقده الرسمي بعيداً عن التصريحات الارتجالية "المستفزّة" من هذا العضو وذاك - المبطّنة بانتقادات قاسية -، والبيانات المقتضبة التي تُشعِر المدرب أنه خسر ثقة الكل ولن يحظى بالود على الأقل كي يتمكن من خلاله المطالبة بحقوقه أو تسويتها باجتماع توافقي.
عذراً اتحاد الكرة، لم تتعلّم بعد من أخطاء مواقفك السابقة التي تتناسى فيها أنك بمنزلة "أب" لجميع المدربين واللاعبين، فبعد حكيم شاكر، تكرر الحال مع راضي شنيشل الذي غُمر بدلال غير مسبوق ودعم معنوي بلا حدود من أعضاء الاتحاد أنفسهم، وما أن طالب بحقوقه أثر إقصائه حتى تحوّل في نظرهم من مدرب ودود الى عدو لدود للاتحاد، وهكذا دواليك، في عملية لا تخلو من الدهاء محاولة من الاتحاد لتبرئة نفسه من المحاسبة وإعلانه الطرف المنتصر في أية مشكلة حتى لو أيقن أنه مهزوم داخلياً بفشله في إدارة ملف المنتخب ويُخلي مسؤوليته من العقد الشرعي مع المدرب (شاطر على أبناء بلده، وبليد في ضمان حقّه من الأجنبي)!!
إن أهمال قضية حكيم شاكر من تشرين الثاني عام 2014 الى تشرين الثاني 2017 ومن ثم مطالبته بدفع 51 مليون دينار للاتحاد وفق قرار حكم قضائي، أمر يؤكد صحّة ما ذهبنا اليه بعدم توفّر النية الحسنة لدى اتحاد الكرة برعاية جميع المدربين حتى أولئك الذين اصطدموا معه بأزمات الحقوق، وعليه لابد من احتضان شاكر وتقريب وجهات نظر رئيس الاتحاد ونائبيه اليه بدعوته الى مقر الاتحاد وإيجاد أرضية صلبة من القناعات لحل المشكلة وتسوية المبلغ نفسه بالاتفاق مع المشاور القانوني للاتحاد، كونه مالاً عامّاً، ويمكن تسديده على شكل دفعات لا تؤثر في مورد معيشة عائلته.
في المقابل، لا يمكن التفريط بخبرة حكيم شاكر وإهماله في ظرف عصيب يجد نفسه محاصراً بين أصوات مجلجلة لمعلّق خليجي وآخر مصري أبهرتهما رقصة فرحه مع هز الأسود شباك الغرماء وبين همسات (العصفور الأزرق) لتويتره الحزين وهو يبوح لزائريه بمن ظلمه وعاداه وأغمط حقه، وهي سمعة غير طيبة لاتحاد الكرة الذي عليه المبادرة السريعة لرد اعتباره بلقاء تصالحي، وأن تتمَّ الاستفادة منه في جانب فني يحتاجه الاتحاد حالياً كمهمة "المستشار الفني لإدارة المنتخبات الوطنية" التي تتناسب والخبرات التي نالها الرجل من عمله مع جميع الفئات.
المدرب الودود "عدوٌ لدود"!
[post-views]
نشر في: 5 ديسمبر, 2017: 03:56 م