TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العيش فـي زمنين مختلفين:سياسة القرون الوسطى والاستهلاك المعاصر والحديث

العيش فـي زمنين مختلفين:سياسة القرون الوسطى والاستهلاك المعاصر والحديث

نشر في: 12 إبريل, 2010: 04:54 م

شاكر النابلسياستعرضنا في مقالنا السابق (حان الوقت لكي نقلع شوكنا بأيدينا دون انتظار الآخرين!) كيف كان يفكر العقل السياسي العربي، وكيف طغت الشعارات الجوفاء على التفكير السياسي العربي، وقادت هذه الشعارات إلى نكبات عربية كثيرة، ومنها نكبة فلسطين 1948 ثم النكبة الثانية وكانت عربية عامة عام 1967.
فهل هذا كان كل ما هناك، من مهازلنا السياسية والفكرية؟أم أن في الجراب مهازل أخرى، تضاف إلى ما كنا قد استعرضناه سابقاً؟مشاهد أقرب إلى الروايات العلميةكنا قبل شهرين من الآن، قد درجنا على استعراض الهمِّ الوحدوي العربي. فقمنا بإضاءة هذا الهمَّ من كافة جوانبه، باعتباره كان  - وما زال حتى الآن – من أهم المحاور السياسية التي تشغل بال العرب من حين لآخر. ولنا من ذلك هذا المثال الحي، الذي يصبُّ في النهاية في مجرى النهر نفسه.. نهر الخيبة والهزيمة والفشل. وكان بودنا أن يكون حديثنا عن الظفر والنجاح والنصر، ولكن الواقع العربي المؤلم، دفعنا إلى هذا دفعاً، لا مهرب منه.ففي العام 1988 قام "مركز دراسات الوحدة العربية" ببيروت، بعقد ندوة تحت عنوان "العرب والعالم"، اشتركت فيها مجموعة من المفكرين والمحللين السياسيين العرب، الذين وضعوا تصوراً لمشهد الوحدة العربية، الذي على افتراض بأنه سيتحقق في العام 1990، مما ذكرنا بالروايات العلمية Science Fictions التي انتشرت في الغرب، والتي نشاهدها في السينما أحياناً. وقال المشاركون – وهم كوكبة من كبار المفكرين والمحللين والمؤرخين السياسيين في العالم العربي. ولا نريد هنا أن نذكر أسماءهم تحاشياً للإحراج - في هذه الندوة أن  تحقيق الوحدة العربية سـوف يؤدي إلى تغيرات وخطوات كثيرة. وكانت النتيجة أن لا وحدة قامت، ولا تغيرات حصلت، ولا خطوات تحققت.rnأوهامنا كسراب بقيعةوكانت حصيلة تلك الندوة عام 1988 مجموعة من الأوهام وصفها القرآن الكريم بقوله "كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً" (النور:39). ومن هذه الأوهام:أن قيام الوحدة العربية سوف يؤدي إلى نمو في النـزعات القومية لدول الجوار. ولكنا نلاحظ الآن، وبعد مضي أكثر من عشرين عاماً على تلك الندوة، أن النزعات القومية لدول الجوار قد نمت بشكل كبير ومخيف.أن قيام الوحدة العربية سوف يؤدي إلى تغيير في موازين القوى الدولية والإقليمية. ولكننا نرى الآن، أنه بدون هذه الوحدة -التي لم تتحقق - تم تغيير موازين القوى الدولية والإقليمية في المنطقة نتيجة لعوامل كانت مستبعدة، وعلى رأسها انهيار المنظومة السوفيتية عام 1991.سوف تكون هذه الوحدة سبباً في اتساع موارد دول الوحدة. وهذا توقُّع يحتاج إلى كثير من الشرح والاستدلال.سوف تسبب هذه الوحدة في تكثيف علاقات الدول العربية الموحَدة مع الدول الصناعية ومع دول العالم المنتجة للمواد الخام. ولنلاحظ، أن الفكر العربي - وخاصة العلمي والاقتصادي منه - أقرَّ في نهاية الثمانينات بأن لا وحدة عربية يمكن لها أن تنجح إلا بوجود تبعية للدول الصناعية، شرقية كانت أم غربية. وأن دعوى الحياد الإيجابي في الخمسينات والستينات، كانت لا تتعدى الشعارات الإنشائية غير الواقعية التي عبأت الشارع العربي ضد الغرب، أو ضد الشرق أحياناً. ولكن يجب أن نعرف هنا ما هي حدود هذه التبعية: هل هي قاصرة على التبعية الصناعية والعلمية  فقط، أم تتعداها إلى التبعية السياسية والعسكرية ؟rnأضغاث أحلاموراح المشاركون في هذه الندوة إلى بسط استطلاعاتهم، وكأنهم يقرؤون المستقبل العربي في الفنجان، كما فعل مَنْ هم قبلهم، أو كأنهم يضربون في الوَدَعْ.فماذا قرءوا في ذلك الفنجان؟وماذا رأوا في ذلك الوَدَعْ؟قالوا أن دولة الوحدة العربية – فيما لو قامت في التسعينات – سوف تتماهى مع الوحدة الأوروبية التي قامت في الفترة نفسها، وستكون "الدولـة العربية الاتحادية"، هي القطب الدولي الأقرب جغرافياً إلى أوروبا الغربية، والذي هو بمثابـة بوابتها إلى آسيا وأفريقيا. وستكون العلاقة بين "الدولة العربية الاتحادية" والجماعة الأوروبية الموحـدة أكثر توازناً. ومن المحتمل أن يتجه الطرفان كل منهما إلى الآخر. وسوف يتسع مجال التعاون السياسي بينهما، في ظل غياب أو ضعف العامل الأمريـكي في صناعة قرار الجماعة الخارجي. (على الدين هلال وآخرون، "العرب والعالم"، ص 250-254). rnحقائق مُناقضة على الأرضفهل كانت حصيلة تفكير المشاركين في هذه الندوة، تعود إلى عصر المماليك في القرون الوسطى، في حين أنهم يعيشون في القرن الحادي والعشرين وعلى أعتاب الألفية الثالثة، وأمام تحديات وأمثلة واقعية، وعلى رأسها "الاتحاد الأوروبي"، الذي بدأ العمل له منذ 1951 – 1957 بمشاركة ست دول فقط، والذي كان على وشك الولادة الكبرى (27 دولة) في عام 1992 بموجب معاهدة ماسترخت، وقد تم ذلك فيما بعد. لقد نسي المشاركون في ندوة "مركز دراسات الوحدة العربية"، حقائق كثيرة على الأرض العربية، تحول بين أن تصبح "الدولة الاتحادية العربية" المُتخيّلة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram