لم يستغن الاقتصاد العالمي عن الشحن الجوي على الرغم من ارتفاع تكاليفه مقارنةً بالنقل البحري أو البري، إذ أن احتياجات الاقتصاد العالمي في استثمار الزمن بنقل البضائع والسلع قد عظمت الحاجة لهذا النشاط المهم، كما يرى مستشار مالي لرئيس الوزراء الذي يوصي وفق ذلك بتأسيس شركة مساهمة بين الدولة والقطاع الخاص للشحن الجوي ضمن أسلوب الشراكة الذي تضمنته الموازنة، خاصة وأن البلد يشهد توسعاً في مطاراته من جهة ومقبلٌ على مرحلة إعمار من جهة أخرى.
الى ذلك يؤكد خبير، أنّ تطوير عمل شركات الشحن الجوي سينعكس على سمعة بيئة الأعمال والنشاط الاقتصادي للعراق بالمجمل، داعياً الى ضرورة ابعاد هذه الشركات عن المحاباة والاستغلال الذي يعتمده البعض. وفق المعايير الدولية في موضوعي الكفاءة الاقتصادية والسلامة الجوية.
وتُعَد شعبة الشحن الجوي في مطار بغداد الدولي عصباً حيوياً يتمّ من خلالها نقل مختلف البضائع من وإلى العراق، كما ويتم من خلالها توفير ساحات ومخازن وبرّادات لخزن مختلف البضائع والمواد، مع ساحات للشحن الثقيل بالمعدات والساحبات والسيارات والعجلات كافة الخاصة بعمليات الشحن الجوي، كلها تعمل بكوادر محلية، فيما تفتقر هذه الخدمة لمواكبة التطور الحاصل في العالم بشأن سرعة النقل والأجور وغيرها من الأمور المهمة.
المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح يؤكد في حديث لـ(المدى) إنّ الاقتصاد العالمي كان ومازال يعتمد اعتماداً مهماً على مسألة الشحن الجوي على الرغم من ارتفاع تكاليفه مقارنةً بالنقل البحري أو بنقل سكك الحديد، مبيناً أنّ، احتياجات الاقتصاد العالمي في استثمار الزمن في نقل البضائع والسلع ذات الطبيعة الدقيقة والستراتيجية والسريعة التلف والانكسار، الأمر الذي قد عظم من احتياجات العالم الى استخدام الشحن الجوي واختصار الوقت وتعظيم سد الاحتياجات الانتاجية أو الخدمية الضرورية، موصلاً: ومن هذا المنطلق فاعتقد أنّ العراق سيكون غداً بأمسِّ الحاجة إلى تأسيس شركة ناقلة للشحن الجوي بالاستفادة من احكام المادة ١٤ من قانون الموازنة الاتحادية للعام ٢٠١٧ والتي تكررت في مشروع موازنة ٢٠١٨، والقاضية بالشراكة بين الدولة والقطاع الخاص.
واستناداً إلى مبدأ الشراكة الذي تضمنته الموازنة، فيوصي المستشار المالي صالح، بضرورة تأسيس شركة مساهمة متخصصة بالشحن الجوي حتى إذا كانت بالتحالف مع شركات عالمية قائمة ومؤسسة وفق المعايير الدولية في موضوعي الكفاءة الاقتصادية والسلامة الجوية، وإنّ تتولى تلك الشركة المقترحة توفير الشحن الجوي من وإلى العراق، بما يحقق عوائد مالية مباشرة للعراق، لاسيما أنّ بلادنا تتوسع في عدد المطارات، مستدركاً: كما يجب أن لا ننسى احتياجات اعادة الاعمار والتنمية المقبلة في البلاد التي تقتضي السرعة في ايصال لوازم التنمية المهمة، لذلك أجدد اقتراح تأسيس شركة مساهمة بين الدولة والقطاع الخاص لتولي مسألة الشحن الجوي ضمن اسلوب الشراكة المعتمد في الموازنة العاملة للبلد.
فيما يقول الخبير الاقتصادي عامر الجواهري في حديث لـ(المدى)، إننا يجب أن ننظر لموضوعة شركة الشحن من منظار وطني يعمل على تطوير هذا النشاط بكل أبعاده لأن مساحة العراق الجغرافية تغطّي مساحة كبيرة في المنطقة، لذلك هي يجب أن تكون ممراً جيداً للطيران الدولي، وهنا السؤال بحسب الخبير، كيف نستطيع أن نروّج لهذا الموضوع ليس من منظار ربحية شركة الشحن بل من منظار ربحية العراق،؟ مشيراً: الى أن أي نشاط سوف يزيد من المردود الاقتصادي للبلد يجب أن نسعى للاهتمام به وتطويره، بالتالي يجب أن ننظر للخدمة التي تقدم من هذه الشركة على ضرورة أن تكون مرنة وتجذب المتعاملين في قضايا الشحن من شركات ومؤسسات ودوائر ومواطنين، لأنهم سيستخدمون هذه الشركة لنقل بضائعهم، عبر الخطوط التي تعبر للعراق، وهنا فإن سمعة العراق ونشاطه الاقتصادي، الذي سينعكس حتى على سمعة بيئة الأعمال لدينا، وهو ما يجب أن نفكر به كما يجب أن نبعد هذا النشاط عن أية محسوبية واستغلال دون محاباة لأحد.
وعلى وزارة النقل أن تفكر بدرجة التنافسية مع شركات الشحن العالمية بل وتنافسها في الخدمة والعناية حتى في الأسعار كما يقول الجواهري: الذي يؤكد إننا ومن هنا سيكون لنا مردود مالي هائل للعراق وفائدة كبيرة على الاقتصاد العراقي بمجمله حتى في مجال العمالة، مستدركاً: فاليوم الدولة الممثلة بوزارة النقل عليها أن تفكر بكل ما شأنه يرفع الايرادات المالية في جميع الأنشطة المتعلقة بها، خاصة وأننا اليوم مقبلون على حملة تنظيم للأمور في المجال الاقتصادي، فمحاربة الفساد هي جزء من حملة اسمها تغيير واقع الأمور في العراق.
وكانت الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية قد نفذت نهاية ايلول الماضي، حملة واسعة لتطوير قرية الشحن الجوي داخل مطار بغداد الدولي، حيث تم الانتهاء من صيانة وادامة كافة الرافعات بأنواعها المختلفة العادية والشوكية وساحبات الشحن، وتوسيع اماكن خزن البضائع والسلع وفرزها كلٌ حسب نوعها وطريقة الخزن الملائمة لها تمهيداً لتسلمها من اصحابها الشرعيين، وتقوم القرية على مدار الساعة بشحن البضائع والسلع بشكل يومي وبكميات كبيرة من مطار بغداد الدولي الى باقي المطارات المحلية والعالمية وبالعكس.
وأعلنت وزارة النقل في النصف الأول من هذا العام، أنّ قسم الشحن الجوي في الخطوط الجوية العراقية قد حقق ارتفاعاً في إيراداته الشهرية لتصل الى المليون ونصف المليون دولار، مبينة أنّ جميع الشركات تقوم بشحن بضائعها عن طريق شركة الخطوط الجوية وذلك لأنها الوكيل الرسمي وكذلك لسهولة الإجراءات والأسعار المناسبة التي تختلف عن أسعار الشركات الأهلية.
من جهة أخرى توجد في العراق العديد من الشركات الخاصة للشحن الجوي، التي تعمل في مجال تخليص البضائع جمركياً واتمام الاجراءات الجمركية الخاصة بها، وأخرى متخصصة في مجالات النقل والموانئ والتجارة العامة والانشاءات، والتعامل مع جميع أنواع البضائع والشحن من وإلى العراق، وتقديم خدمات الشحن الجوي الى العراق وأنحاء العالم كافة، وأيضاً خدمات التخليص والنقل والخدمات اللوجستية، لكن يشكو البعض من أن اسعارها عالية الكلفة.