تتطور أساليب تزييف السلع التجارية وعمليات الغش التجاري يوماً بعد يوم وبخطى متسارعة، حتى بات من الصعب في كثير من الأحيان معرفة السلعة المزيفة من تلك الحقيقية. ولكن العلماء يبذلون جهودهم الحثيثة لابتكار طرق جديدة يمكن فيها محاربة عمليات التزييف هذه، وقد تم ابتكار طرق عدّة في هذا السياق من بينها ختم السلعة بما يسمى "البصمات الذرية" ققد لوحظ تاريخياً أن الخطوط الطيفية للذرات تكشف عن مستويات الطاقة المنفصلة للمادة الأساسية، وهذا ما سيسهل تمييز السلع الحقيقية عن تلك الزائفة.
وقال روبرت يونغ، أستاذ الفيزياء في جامعة لانكستر في المملكة المتحدة، ورئيس قسم التكنولوجيا في شركة "كوانتوم بيس"، "لا توجد جريمة أكبر من جريمة التزييف" ، وقد أعلن يونغ وزملاؤه عن ابتكار تقنية بسيطة نسبياً للتأكد من صحة السلعة، وهو الأمر الذي يمكن أن يضع حداً لانتشار صناعة السلع المزيفة، حيث أن عمليات التزييف والتزوير والتقليد تكلّف الاقتصاد العالمي حوالي نصف ترليون دولار كل عام، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ومقرها باريس.
تتضمن الطريقة الجديدة لمكافحة التزييف، وجود اثنين من العناصر: أحدها ذو نمط جزيئي فريد من نوعه ويمكن دمجها من خلال ملصقات ثلاثية الأبعاد أو في احد تطبيقات الهواتف الذكية. يتم إنشاء هذا النمط الفريد من خلال ادخال عيوب ملفقة لسلعة معينة في طبقة ذرية رقيقة لإحدى المواد، مثل أوكسيد الجرافين. ويمكن أن تشمل العيوب إزالة ذرة كربون، أو إضافة ذرات أكسجين إضافية، أو إنشاء سلسلة من الذرات، وفقاً للباحثين. وبمجرد أن يتم تعيين الخلل، يتم دمج المواد في الحبر وبعد ذلك، وباستخدام طابعة نافثة للحبر، تطبع على صورة ثلاثية الأبعاد، و يمكن أن تضاف كعلامة على أي منتج.
لتأكيد وجود النمط الذري، فإن الشخص يستخدم كاميرا الهاتف الذكي والفلاش المدمج لتصوير العلامة. فيقوم فلاش الكاميرا بإثارة الذرات، التي تنتج لوناً فريداً من نوعه استناداً إلى نمط. التطبيق ويمكن تحليله على الفور ومعرفة ما إذا كانت السلعة أصلية أم لا، ويقول روبرت يونغ "أنا راضٍ جداً عن هذه الطريقة لكونها بسيطة للغاية"، وقال يونغ، إن حل مثل هذه المشكلة الواسعة الانتشار يتطلب ابتكار حلول سهلة يمكن أن يعتمدها عدد كبير من الأشخاص. وقال إن هذه التقنية يسهل دمجها وسهلة التحليل ويمكن أن تضمن اعتمادها على نطاق واسع بشكل سريع أيضاً. يعمل يونغ وفريقه مع شركة تطبع 10 مليارات صورة ثلاثية الأبعاد سنوياً، ويقول إن التطبيق الأول لهذه التقنية يمكن أن يكون في صناعة السيارات، ويشير قائلاً، نتوقع إن أول المنتجات ستطرح في الأسواق في الربع الأول من العام المقبل، 2018".
ومن هناك، يود الباحثون أن يتفرعوا إلى صناعات أخرى، بما في ذلك المستحضرات الصيدلانية، حيث تصل الخسائر في هذا القطاع الى حوالي 200 مليار دولار سنوياً، بسبب الأدوية المقلدة. والأمر الأسوأ هو أن هذا الدواء غير الشرعي قد يؤدي أحياناً إلى الوفاة. وقال يونغ "إن 30 في المئة من المستحضرات الصيدلانية المزيفة لا تحتوي على العنصر النشط الصحيح". "والناس يشترون هذه الأشياء، ويعتقدون أنها حقيقية، لكنها غير فعّالة في معالجة الامراض ".ويؤكد يونغ "إنه حقاً ابتكار مثير للغاية".
كما إن احدى الشركات الصينية قد طوّرت مؤخراً تقنية جديدة أطلقت عليها اسم الملصقات الذكية التي تحتوي على رقاقة RFID خاصة بها للكشف عن المنتجات المزيفة التابعة للعلامات التجارية، وتستعمل الشريحة المطورة تقنية تحديد الترددات الراديوية RFID التي تستند الى المجالات الكهرمغنطيسية لتحديد وتتبع العلامات والملصقات المرفقة بالأشياء تلقائياً، حيث تحتوي العلامات والملصقات على معلومات مخزنة إلكترونياً.
، وتهدف تقنية الملصقات الذكية إلى مكافحة التزييف ومساعدة المستهلكين على التعرف على المنتجات والأغذية الأصلية، وتعمل التقنية عن طريق لمس الملصقات الموجودة ضمن المنتجات المتوفرة ضمن المحل من خلال الهاتف الذكية لمعرفة المعلومات المتعلقة بهذا المنتج، وتستغرق عملية التأكد وإعادة كتابة الرموز حوالي ثانيتين، وتعتبر المعلومات الواردة موثوقاً بها.
ويتواجد ضمن الرقاقة ذاكرة قابلة لإعادة الكتابة، وتتغير هذه المعلومات مع كل عملية فحص تجري، مما يجعل عمليات التزييف مستحيلة من الناحية العملية، ويستعمل الملصق لمرة واحدة، ويتم إتلافه عند فتح المنتج أو بمجرد إزالته من المنتجات أو عند استخدام المنتجات من قبل المستهلك، وبالتالي منع عملية إعادة تعبئة واستعمال المنتج.
عن موقع لايف ساينس