تضيء النار المقدسة اسطورة "راقصة المعبد " التي تروي قصة حب خالدة بين اثنين تنتهي بلسعة من ثعبان يختبئ بين الزهور تم وضعه ليكون سمه بذرة الشر التي يساوم عليها بترياق يحصل من خلاله على راقصة المعبد" نيكيا " أو الفنانة والراقصة "انّا نيكلونا" ( Anna Nikulina) كي لا تتزوج من الشاب المحارب "سولور" الذي تحبه ، والصراع الأزلي بين الخير والشر في باليه "راقصة المعبد"( La Bayadère ) وهي من تأليف موسيقي" لودوينغ مينكوس"( Ludwig Minkus) وكوريغرافيا "ماريوس باتيبا"( Marius Petipa) وباخراج متوازن للمشاهد برمتها مع " يوري غريغوروفيتش". وبانسجام تام مع الألوان وتآلفها على المسرح من خلال الازياء ايضا مع " فاليري لافانتال ". مما جعل من المسرحية لوحة حركيّة منسوجة بصريا بتناغم فني، وقفزات تم تطويعها كوريغرافيا للتأثير بالمتناقضات الكبيرة التي تهيمن على اسلوب الرقص في هذه المسرحية التي تعود بنا الى التراث الهندي، والاساطير الشرقية حيث جمع باتيبا بين الكلاسيكية والرومانسية في رقص فنتازي زاخر بالاكسسورات المحرضة على تتبع الاسطورة الهندية، وتقاليد الاعتقادات الدينية. وما تم تجسيده على مسرح جمع الخطوات المرنة مع التقنية الكوريغرافية والتعبير الجسدي بجمالية تآلفت معها النغمات الموسيقية بمشهدياتها التي تتحدى براعة الخطوات، وليونة الأجساد والقدرة على خلق ايحاءات مع رقصات " وغرابة الشرق في معطياته الفنية من خلال الرقص وترجمة الاحاسيس بدقة مذهلة خاصة في رقصة الثعبان، وبتشكيل ارتبط بالعاطفة والمشاعر الجمالية المنبعثة من الرقص نفسه، كمادة لغوية تترجم الاسطورة ورمزيتها للخير والشر وللرقص الديني في الزمن القديم. . أسطورة قديمة يتم تقديمها بفن راقص معاصر كوريغرافيا، وبشكل استثنائي مع راقصين قدموا سلسلة من المشاهدالفنية المعقدة، بتعبيرات خاض البصر معها عدة ترجمات حركية مقروءة، بحس فني يستند الى التراث الهندي والاشكال التعبيرية المعاصرة التي تدور في كل زمان ومكان، وبدسائس ما زالت الحياة تؤلف منها الحكايات للبشر عن صراعات الخير والشر، والنهايات المفاجئة والمعاكسة لكل ما هو متوقع في قصة حب تؤدى على مسرح فني راقص محترف في خلق لوحات عالمية، وفي رقصات خالدة إنْ مع الببغاء او رقصة الثعبان وبمرونة وديناميكية اكتملت مع الاوركسترا وفن المحاكاة للمشهد الموسيقي بصريا، وعبر الانصهار والتلاحم والتباين، والتقاطع أحيانا. والهيبة الفنية المثيرة للدهشة والمتعاطفة مع اسطورة المعبد وراقصته الشهيرة التي تعيد الحياة لهذا الفن القديم الجديد مع خلود قصص الحب والصراع بين الخير والشر منذ الازل . فهل يمكن لمسرح الرقص التعبيري أن يتجدد مع قصص أخرى حديثة العهد لشعراء وكتاب وغيرهم؟ موسيقى لابايادير تستنطق اسطورة بعزف اوركسترالي يعتمد بشكل كبير على الاوركسترا الجماعية والمنفردة بآلات وترية وخاصة الكمان، وبتوظيف تخييلي لمشاهد موسيقية نخبوية في تطلعاتها نحو الموسيقى المنسجمة مع الاسطورة الهندية ودلالاتها الدينية إن شاء التعبير ، فالتشكيلات الموسيقية انسجمت مع المشاهد بمختلف جوانبها ، وعبر الاطياف البصرية التي تقود "سولور" نحو النعيم والخلود مع "نيكيا " التي قتلها سم الثعبان، وبدراما تناسبت وملحمية الحدث والصراع، والمناخ العام للعرض المتأثر باللباس الهندي وزركشاته اللونية التي تقودنا نحو جوهر الشرق، وما ارتبط به من قصص الحب والأساطير التي تزهو بروائع الفن الحي، وفلسفة العروض المسرحية التي تقدم على المسرح البولشوي، ومن عدة وجوه فنية يتم تحديثها حاليا لتكون بمثابة الباليه المعاصر الملتزم بكلاسيكية هذا الفن ، وبالتحديث الكوريغرافي المعاصر المتمم لجماليته ولاعطائها البعد الانساني المرتبط بالتراث والاسطورة والحكايا الشعبية ذات المغزى الفكري الباعث للكثير من الابداعات الموسيقية أو الملهم للرقصات وتأليفها. وقدرتها على خلق النص البصري المكتمل الذي لا يحتاج لكلمات تصف الحدث الذي اكتسب فضاءات متخيلة واسعة . واكتفى فنيا بما يحاكي الحواس برمتها من سمع وبصر وفؤاد يتفكر بالمعنى المسرحي والعبرة الاسطورية من باليه راقصة المسرح ووترية الخطوة والنغمة والمفردة البصرية.
عودة الفلسفة الدينية الراقصة القديمة العهد اسطورياً، لتذويب حدود الفن الراقص والممتع بصرياً بتفاعلات حافلة بمحكيات درامية تعطي الموسيقى الجانب الروحي منها لغة السرد السمعي المحيط بالرقصات، وبوقائع الحدث المفاجىء كرقصة الببغاء ورقصة الثعبان ، والمصطلحات المقترنة بالذهن، والثيمات الديناميكية والغنية بالاشكال التعبيرية المنبثقة من روحية الأجساد، وحركاتها المدروسة بدقة تكتمل مع المصطلحات المسرحية الأخرى كاللباس والديكور والاضاءة وما الى ذلك .
مسرح عالمي راقص بمفهوم تخييلي يلقي الضوء على أهمية الخلود في الحب والجمال، والمضمون الانساني الذي يحتل المكانة الاساسية في مسرحية الباليه راقصة المعبد ومفاهيم الدسائس والمكر والخيبة والندم، والتفرعات الاخرى من خير وشر وفرح وحزن والحميمية والعدائية ، والتكرار والاسترسال في العاطفة الحقيقية. والاخرى المزيفة ليقارن المشاهد بين المألوف وغير المألوف في الحياة عامة من خلال هذه القصة التي تفصح عن مكون العشاق، ومجاوزة المعقول بغير المعقول . لتندرج المكونات المسرحية تحت مسمى راقصة المعبد، وما يستحقه العنوان من تخيلات واستيهامات نسترجع من خلالها قصة الإنسانية .
باليه راقصة المعبد لوحة حركية منسوجة بصرياً بتناغم فني
نشر في: 28 نوفمبر, 2017: 12:01 ص