مرتّ نحو خمس عشرة سنة على التغيير، لكن العراق لم يزل وفق تقارير دولية، بين الأسوأ من بلدان العالم على صعيد الحياة العامّة نتيجة لتردي نظام الخدمات العامة وانعدام مشاريع البنى التحتية. وفي خطوة للنهوض بالواقع الخدمي يجري العمل منذ فترة على اطلاق "مصرف استثماري" برأسمال يصل الى 100 مليار دولار يشارك فيه القطاع المالي الأجنبي مع الحكومة العراقية لتمويل مشاريع البنى التحتية في عموم البلاد، بحسب مستشار لشؤون الاستثمار الذي يؤكد أن الاعلان عنه بات وشيكاً. وفيما وصف خبير اقتصادي الأمر بالمهم جداً لتطوير عملية التنمية الاقتصادية، شدّد على ضرورة دمج جميع المصارف المتخصصة كالصناعي والعقاري وصندوق الإسكان بالمصرف المنتظر للعمل على دفع التنمية الزراعية والصناعية والعمرانية للبلد.
ويعرف الباحثون مصطلح البنية التحتية لأيّ بلد والذي يعتبر رأسمال المجتمع، بأنه كل المؤسسات والهياكل الفنية التي تدعم المجتمع وتمس أمن المواطن الاقتصادي والعلمي والصحي والخدمي، مثل المدارس والمستشفيات والطرق والجسور والسدود والمحطات والمطارات والمصانع والإنتاج الزراعي والكهرباء، والتي يعاني العراق تدهوراً واضحاً فيها.
مستشار شؤون الاستثمار في مجلس الوزراء ثائر الفيلي، يقول في حديث لـ(المدى)، إن مجلس الوزراء يعمل على انشاء نظام مصرف استثماري، أو صندوق للتنمية، يعنى بتمويل جميع مشاريع البنى التحتية والخدمات التابعة للدولة والذي سيتم الاعلان عنه قريباً، موضحاً: أن هذا المصرف سيكون بتمويل دولي خاصة وأن هناك الكثير من الدول مثل اليابان والصين وفرنساو ماليزيا وكوريا الجنوبية والمانيا وبلجيكا وكندا وايطاليا، تمتلك سيولة مالية كبيرة جداً وستسهم في تمويل هذا المصرف، كما أن المبلغ المقترح في الوقت الحاضر لإطلاق هذا المصرف هو 100 مليار دولار يتم جمعها من هذه الدول، فيما يكون جزء قليل جداً من الدولة العراقية.
وهذا المشروع هو عبارة عن مصرف تجاري دولي مهتم ببناء مشاريع البنية التحتية في العراق كالمجاري والطرق والجسور والماء والكهرباء والمستشفيات، بمعنى أن كل مشاريع الدولة الخدمية يتم الاتفاق على بنائها. ويضيف الفيلي: إن المهم هنا ليس التمويل فقط وإنما الادارة لأن المشكلة الكبيرة في العراق ليست دائماً التمويل بل هي في ادارة هذه المشاريع من لحظة دراسة المشروع حتى تنفيذه بشكل كامل، موصلاً: وبصراحة أننا في العراق فشلنا كدولة في ادارة هذه المشاريع المهمة وفشلنا حتى في الدراسات، فالكثير من المشاريع العراقية الخدمية كانت دراستها ركيكة وفاشلة، في وقت أن المشاريع الخدمية تحتاج الى مجموعة دراسات فبعضها يحتاج الى دراسة اجتماعية وأخرى تحتاج الى دراسات للبنى التحتية وبعضها يحتاج الى الدراسات المرورية ودراسات فنية أيضاً، إضافة الى الدراسات الاقتصادية وحتى في هذه الأمور نحن فشلنا.
يبيّن الفيلي خلال حديثه أيضاً أن: الدولة العراقية فشلت حتى في تهيئة دراسات صحيحة للمشاريع المهمة، حيث أن الصحيح يقول إننا عندما ننجح في دراسة مشروع نقوم بإعداد دراسات اخرى هندسية مع التصاميم للمشاريع وهنا أيضاً لم ننجح، لذلك فيجب أن نقوم على انشاء مشاريع ضمن المعايير الدولية لضمان نجاحها، بل اننا حتى في مرحلة التنفيذ نحتاج الى شركات مقاولات سواء كانت محلية أو اجنبية لكنها كبيرة ومهمة حتى تبني هذه المشاريع ضمن المواصفات الدولية المعتمدة لها، مستدركاً: اننا حتى في مرحلة ما بعد البناء نحتاج الى الصيانة التي نحن في أبعد ما يكون عنها اليوم، حيث فشلنا أيضاً في صيانة مشاريعنا التي نفذت، وعلى هذا الاساس، فإن المجتمع الدولي في الوقت الحاضر لا يثق بالخبرة الادارية العراقية لإدارة هذه المشاريع لذلك عندما تدخل شركات واستشاريون دوليون ضمن نظام مصرف التنمية، سنجد أن الدول مستعدة أن تموّل وتساعد العراق لأنها تضمن نجاح هذه المشاريع.
ويؤكد مستشار شؤون الاستثمار على أن: هذا البنك سوف لن يوفر المال ويعطيه للشركات العراقية والدولة بل هو من سيسهم ويشرف على تنفيذ هذه المشاريع، من جهة أخرى نحن أيضاً نعول كثيراً على هذا البنك، لأنه يعد مؤسسة مالية كبيرة جداً على غرار ما تم تأسيسه في الخمسينيات من القرن الماضي، وسمّي بمجلس الإعمار، وقد نجح بالفعل في انشاء مشاريع بنى تحتية مهمة في العراق، بالتالي فإن مصرف الاستثمار الحالي سيكون مشابهاً له لكن بتمويل دولي لإعادة بناء العراق من جديد.
واعمار البنى التحتية مسألة ضرورية جداً للعراق كما للتنمية الاقتصادية والبشرية، وانشاء مثل هذا الصندوق أو المصرف يعد خطوة كبيرة جداً، وفق ما يراه الخبير الاقتصادي ماجد الصوري في حديث لـ(المدى) والذي يرى أن العراق بدأ يتجه نحو القروض التي توظف في التنمية، بمعنى انها قروض استثمارية وليست لتغطية التشغيلية فقط، من جملتها قرض الـ 12 ملياراً و800 مليون دولار من التسهيلات الائتمانية البريطانية، وهناك أيضاً صناديق استثمارية في العالم كلها ترغب في المشاركة في عملية اعادة بناء العراق وخصوصاً في مجال البنى التحتية، مردفاً: لذلك فإن انشاء هذا المصرف سيوفر فرصة مهمة جداً للاستثمار وفي ذات الوقت سيعمل على اساس الصيرفة وهذه أيضاً مسألة مهمة جداً للعراق.
ويستدرك الصوري قائلاً: لكن المشكلة الأساس في العراق والكل يعرفها هي إدارة هذه المشاريع أو هذا المصرف، فلو تمكن العراق من ادارة هذا المصرف بشكل حقيقي وصحيح، فسيكون الأمر في غاية الاهمية لعملية التطور والتنمية الاقتصادية، واذا كانت بالفعل الإدارة ستكون بإشراف دولي، فهذا أمر جيد جداً، ويعني أن الأمور تسير بالشكل الصحيح، وهو اذا كانت الأمور تجري بهذا النحو، فأنا في تصوري يجب دمج جميع المصارف المتخصصة كالصناعي والعقاري وصندوق الإسكان في مصرف تنموي يستطيع أن يعمل على دفع التنمية الزراعية والصناعية والعمرانية في البلد وذلك بعد تأمين موضوعة البنى التحتية.
جميع التعليقات 1
محمد سعيد
تطوير البني التحتية يجب ان يشكل اولويات الانفاق الحكومي الذي مع الاسف اخذ الان يتوزع لمقاصد اخري ولإشباع رغبات ومطامح ومطالب القيادات السياسية العصية للرئاسات الثلاث في الدولة حيث ضاعت الصلاحيات في سلم الهرم الحكومي ولم تحدد اولويات