اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أنغـــام..نشــــاز

أنغـــام..نشــــاز

نشر في: 24 نوفمبر, 2017: 09:01 م

رفض 95% من السويسريين في استفتاء حكومي جرى مؤخرا مشروع قانون يهدف الى إعطاء كل مواطن سويسري بالغ مبلغ 2500 دولار كل شهر سواء كان هذا المواطن يعمل أم لا حيث رفض الشعب قائلا ان هذا التصرف سيزيد من البطالة والكسل...!! كيف بلغ الشعب السويسري هذه الدرجة من الوعي والقناعة ليرفض هبة من الحكومة..هل يعني هذا إن الحكومة تلبي كل مطالبه لدرجة عدم احتياجه للمزيد أم يعني إيمانهم بثقافة العمل والانتاج بمقابل وعدم الحصول على مال دون مقابل؟..اعتقد أن هذا يعني قمة التحضر وهذا التحضر لايأتي اعتباطا بل يخلقه وجود حكومات عادلة تعرف قيمة أن يعيش المواطن عيشة كريمة ولاتنتظر منه اعتصامات وتظاهرات ومطالبات مستمرة بحقوق تتآكل يوميا لتصبح معدومة تدريجيا ويصبح بعدها كل ماتقدمه الحكومة – إن قدمت شيئا – هبة ومكرمة للشعب بينما هي تمثل أبسط حقوقه..اعتقد أن تحضر الشعب يجعله يرفض الهبات مادامت الحقوق والمتطلبات منفذة ومضمونة وعدالة الحكومات تجعلها تمنح الشعب كل مايحقق له الرفاه والراحة حتى لو كان بلا مقابل لأنها تعتبرذلك واجباً حتمياً من واجباتها..هي معادلة رائعة ومثالية لااعتقد اننا يمكن ان نحققها يوما ما لأن حكوماتنا لاتجد إن من واجبها توفير كل مايحتاجه المواطن الى درجة الاكتفاء والرخاء فهي مشغولة بهموم أكبر من ذلك بكثير..تسديد ديون البلد الذي تطايرت أمواله بسبب فساد المسؤولين فيه وعجز ميزانيته الأبدي وتخصيص مايتبقى من ايراداته للتسليح والقتال والدم المراق جزافا بسبب حروب نتجت من أخطاء القادة وولاءاتهم..أما المواطن فلن يتقن فن التحضر يوما ويترفع عن قبول هبة اضافية من الحكومة لأنه لاينتظر منها شيئا أصلا ولايمكنها تلبية أبسط احتياجاته بل تتقن بالمقابل فن تشذيب ممتلكاته من راتب فقير وطاقات خلاقة وفن حرمانه من حق العمل اللائق والسكن الملائم وفرص إطلاق مواهبه واستغلال كل امكانياته فهي تضعه في ميزان يرجح في كفته اصحاب الولاءات والانتماءات ويهبط في الكفة الاخرى اصحاب الكفاءات وبهذا لايتحقق التوازن المطلوب لبناء البلد بالشكل الذي يجعل الحكومة عادلة والمواطن متحضرا..
انطلاقا من هذه الايام، ستبدأ في العراق جولة جديدة من تلك الحملة التي أطلقها المسؤولون ضد الفساد ولم يتم تنفيذها بالشكل الذي يرضي المواطن ويعيد للبلد أمواله المسروقة وهيبته بخروجه من قائمة الدول الأكثر فسادا، ومع الاحتفال باسبوع النزاهة يصبح الطلب ملحاً الى محاربة الفساد بشكل حقيقي وليس التشدق بشعارات انتخابية سئمتها الأذن العراقية وتحولت الى أنغام نشاز تزعج المواطن بدلاً من أن تمنحه أملا بمستقبل زاهر..هي فرصة إذن لمن يريد أن يثبت وطنيته بأن يكون جادا في كشف رؤوس الفساد ومحاسبة الفاسدين والمفسدين الكبار وليس الاكتفاء بطرد مسؤولين صغار يوجد العديد ممن ينوب عنهم ويشغل أماكنهم ليمارس نفس اسلوبهم في تحقيق الكسب السريع قبل أن يضيع المنصب..ولكي نتمادى في الحلم بأيام أجمل سننتظر أن تخلو مقاعد سياسية من مسؤولين كبار أساءوا استغلالها وأن تعود لخزينة العراق بعض مانهبوه من اموالها..وقتذاك، سيكون من الجائز ان تتحول حقوق المواطن المسلوبة الى مطالب مشروعة وممكنة التحقيق وبالتالي يحظى المواطن بشيء من الاكتفاء ولانقول الرخاء..عندها فقط سيصبح التحضر سلوكا مطلوبا في ظل حكومة تدرك حاجات المواطن وتمنحها له بعدالة..اعتقد اني تماديت في الاستغراق في حلم يراود اغلب العراقيين لأنني أدرك تماما اننا نصحو منه دائما على مظاهر فساد أكبر ونزاعات لاتعد بمستقبل يجعل من الحكومة عادلة والشعب متحضراً..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram