الحق يُقال أن اللجنة الأولمبية العراقية تحاول بكل الوسائل أن تعبر أمواج الأزمات التي تضرب أركان كيانها، بدءاً من غياب الإنجاز الرياضي الحقيقي الذي من المفترض أن يمثل خلاصة أدائها واتهاماتها بمحدودية امتلاكها الرؤية في النهوض بالواقع الرياضي وإحداث طفرة نوعية على المستويين القاري والدولي، مروراً بقانونها منذ سنوات، وأخيراً خوضها صراع إثبات مشروعية كيانها من أجل البقاء.
لا نريد أن نثخن جراح المحن التي أصابت تلك المنظومة بقدر ما نحاول أن نرمي بشباك الإنقاذ ونكون جزءاً من الحلول المطروحة لتصحيح إحدى الركائز المهمّة التي إذا ما صلحت فإنها ستكون درعاً تتحصن فيه الأولمبية وتصبح الجماهير هي خط الشروع الأول في الدفاع عنها ككيان وشخوص مؤتمنين على قيادتها.
الحديث هنا يتلخص في ضبط أدوات اللجنة الأولمبية التي تمثل مقياس نجاحها من عدمه.. ونعني به الاتحادات الرياضية التي مازالت تعمل وفق سياقات روتينية منغلقة لا تجرؤ على عبور حدود الطموح المحلي ولا تفرق بين الإنجاز الخادع والإنجاز الحقيقي.. وبالتالي فإن كل المفهوم الإداري لديها لا يعدو بين تنظيم الفعاليات الداخلية المحدودة والمشاركات الترويحية في بطولات لا تضيف رصيداً فنيّاً لقدرات لاعبيها ولا مؤشراً متصاعداً في ترتيب التنافس مع رياضي العالم، ولعلَّ الدورات الأولمبية خير دليل على فشل تلك الاتحادات في تقديم أبطال يمكن أن يعتلوا منصّات التتويج.
المسألة لا تتوقف عند تلك المعضلة بل تتعداها إلى جوانب أخرى أكثر أهمية عندما تُكشف أرقام مالية مخيفة أنفقت خلال السنوات الماضية، دون أن يلوح أمام أنظارنا بناء لمنشآت رياضية حديثة أو نلمس وجود قاعدة شبابية تتسلح بقدرات ذهنية وبدنية وفنية يمكن أن تكون ذخيرة لنا في تحقيق الإنجازات في المستقبل القريب!
تلك التساؤلات الاستفهامية خلقت من الشكوك الكثير في أن توجّه اتهامات بوجود فساد مالي وعمليات هدر بالأموال غير مسيطر عليها، وإن ذهبنا بالظن نحو مقاصده الحسَنة، فنقول إن بدائية العمل الإداري لبعض الاتحادات فرّطت بأموال خزائنها بأبواب صرف كمالية وترفيهية لا تعود عليها بنتائج حقيقية آنية أو حتّى مستقبلية.
وعندما تغيب سلطة القرار عن متابعة ومحاسبة تلك الاتحادات وفق إجراءات إدارية وقانونية تهدف الى تقويم العمل وتشذيبه من أي عوالق فساد قد تصيبه مع غلق كل المنافذ التي تذهب بأموال الرياضة إلى حيث وصفه بـ(المال السائب) فإن ما يتبعه من إخفاق لا يمكن إلا أن يكون نتاج ضعف تلك السلطة وعدم قدرتها على فرض مفهوم توجيه تحديد الإنفاق نحو هدف التطوير وبناء جيل شبابي قادر على المنافسة في تحقيق الإنجاز ولا غير ذلك.
إن أمام اللجنة الأولمبية طريق متاح قد يرسم لها آفاقاً جديدة في عملية السيطرة والتوجيه عبر استغلال شهر كانون الأول المقبل في إجراء كشف مراجعة وتقييم لكل الاتحادات الرياضية وتحديد المبالغ المستلمة ومسالك الإنفاق المتبعة وماهية البطولات التي اشتركت بها والنتائج المتحقّقة ومدى تأثيرها الفعلي في تأهيل الرياضيين، إضافة الى الوقوف على الأموال المخصّصة في بناء فرق القاعدة لديها من إعداد ومشاركات ونسبة ما تم صرفه من رواتب من أجل تقنين الأموال المخصّصة على الاتحادات التي لم تحسن التصرف، وتحاول أن تخدع سلطة الدولة واللجنة الأولمبية والجماهير الرياضية بمناهج ضعيفة لا تسند إلى التخطيط والإدراك بالمسؤولية التي كانت وما زالت هي أحد الأسباب في تراجع الرياضة العراقية.
كشف حساب أولمبي
[post-views]
نشر في: 24 نوفمبر, 2017: 09:01 م