TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مدارس..ومقاهٍ

مدارس..ومقاهٍ

نشر في: 17 نوفمبر, 2017: 09:01 م

وصلني قبل فترة فيديو عن مدرس باكستاني ينقل من مدرسته فيتلقى طلبته الخبر كوقع الصاعقة ويحيطون به وهم يبكون بكاءً مراً..كان الطلبة في أجمل هيئة وهم يرتدون زياً موحداً انيقاً ويعكسون صورة لطيفة عن مدارس تهتم بالطلبة وأساتذة يحصدون حب الطلبة واحترامهم مقابل مايقدمونه لهم من عطاء وحنان..ذكرني الفيديو بمدارسنا القديمة..ليس بازياء طلبتها بل بسلوك المعلمين والمدرسين فيها ونوع العلاقة بينهم وبين طلبتهم..كانت هناك صور مشابهة إنْ لم تكن أكثر جمالاً من تلك الصورة التي نقلها لنا الفيديو عن المعلم الباكستاني..ماالذي حدث لنا؟..كيف انقلبت بنا الأحوال ليساق الطلبة المتسربين من مدارسهم إليها بالاستعانة بالقوات الأمنية؟!
حدث هذا مؤخرا في بعض مدارس بغداد ويحدث على الأرجح في مدارس المحافظات ايضا، ففي الدروس الأخيرة يتقلص عدد الطلبة وتخلو الصفوف منهم لتمتلأ بهم المقاهي وقاعات البليارد، وقد تقدم لهم المقاهي مايشغل أذهانهم ويبلد احساسهم من انترنت ومواد مخدرة فتبعدهم أميالا عن الاهتمام بالمدرسة والدرس ولايكون تدخل الجيش لاعادتهم الى المدارس بناءا على طلب مدراء المدارس رادعا كافيا لهم منذ أن اوقفت وزارة التربية قرار فصل الطلبة بسبب تكرار الغيابات مراعاة لمعاناتهم من الظرف الأمني فأمعن الطلبة في استغلاله لصالحهم..
يتذرع الطلبة بحجج أن المدارس لم تعد تقدم لهم شيئا منذ أن أحجم المدرسون عن بذل كل جهودهم التدريسية والتربوية بهدف حث الطلبة على الاستعانة بهم للحصول على دروس خصوصية كما يشيرون أحيانا الى استخدام المدرسين للعنف والاهانة، بينما يلقي التربويون باللوم على الجيل الجديد الذي يقضي وقته متسكعا بين وسائل التواصل الاجتماعي..اعتقد إن ماحدث معنا لايلام فيه الاساتذة أو الطلبة فهم نتاج مرحلة تغلبت فيها مصلحة النظام على مصلحة الأمة وصار التفكير في مصلحة الحاكم أكثر من التفكير في مصلحة الناس..وعندما تسري هذه النظرية في بلد ما، تبدأ أركانه بالانهيار شيئا فشيئا..
في العراق، شمل الانهيار كل شيء بدءا من المنظومة الاخلاقية والكيان الأسري وليس انتهاءً بالتعليم الذي انهارت بانهياره مفاهيم عديدة كانت سائدة منها اعتماد الطالب على المادة المقدمة من المدرسين واخلاص المدرس في بذل كل جهوده لمساعدة الطلبة على استيعاب المواد الدراسية وغياب الغش والكذب وعدم انتظار الطالب وسائل مساعدة كالدور الثالث او(الوساطات) أو القبول في الكليات الأهلية وما الى ذلك..صار التعليم في بلدي مثل بدلة فضفاضة تهديها الدولة لطلبتها ليستروا بها عورات نظامهم الفاشل، ولايهم أن تكون مناسبة لمقاساتهم او لائقة على أجسادهم..المهم انها هبة من الحكومة وانجاز تتباهى به في حملاتها الانتخابية بينما يعتبره العالم كله واجبا أساسيا من واجبات الدولة اذا كانت تبغي تفضيل خدمة المواطن على مصالحها الشخصية..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram