الكاتب: غاري غرينبيرغ العرض بقلم: لويس وولبيرت ترجمة: هاجر العاني [غاري غرينبيرغ] هو معالج نفساني انخرط في اختبار سريري لعقار مضاد للاكتئاب في وقت كان هو فيه مكتئباً اكتئاباً خفيفاً،
وتم تشخيص حالته بأنه مكتئب اكتئاباً شديداً ثم تحسن وضعه ووجد ان حبة دوائه كانت مجرد دواء للتمويه (لإرضاء المريض)، ويتضمن كتابه هجوماً بالغاً على العقاقير المضادة للاكتئاب وهو يلقي باللائمة على شركات العقاقير لاعلاناتها الزائفة عن التأثيرات الايجابية لتلك العقاقير، كما انه منتقد كبير لمفهوم الاكتئاب نفسه.وهو محق بشأن ان الكثير جداً من الاختبارات السريرية العشوائية قد أخفقت في إثبات فاعلية العقاقير المضادة للاكتئاب – باعتبارها متعارضة مع ادوية التمويه – في معالجة الاكتئاب، ومع ذلك فهو يتجاهل الدليل بأنها يمكن حقاً ان تساعد، بالنسبة للاكتئاب الشديد، وهو يتهم صناعة العقاقير بالتهوين من التأثيرات الجانبية المتعددة مثل الـ (774) صفحة التي تبين تأثيرها على الاداء الجنسي، بالاضافة الى ذلك يحاجج الكاتب بأن الصناعة قد ادارت بنجاح حملة لاقناع الاطباء والعامة بأنهم يعانون وبأعداد هائلة مرضاً يسمى الاكتئاب في حين انهم في الواقع ربما لا يعانونه، ومــَـن لم يصبه الاكتئاب الخطير فقط يستطيع ان يتقبل ذلك، وهو يلمـِّـح الى ان اولئك الذين يستفيدون من مضادات الاكتئاب التي ترفع مستويات السيروتونين قد يمكن الاعتقاد بدلاً من ذلك انهم يعانون اختلال نقص البروزاك.ويبدو ان فرضيته الرئيسية مفادها ان الاكتئاب ليس مرضاً او سقماً، وعندما يقول طبيب لمريض بأنه مصاب باكتئاب فـإنه يصوغ حكمه (اجتهاده،تقديره) بلغة الاعتلال والصحة اكثر من لغة الاثم والفضيلة ما يعني أنه يحجب مبادئه الاخلاقية في العلم، حتى عن نفسه". انه امر عصي على الفهم. ويكرس [غرينبيرغ] الكثير من المجال لتعقب تاريخ الافكار بشأن الاكتئاب، عائداً الى [ابقراط] الذي عرَّف السوداوية على انها مرض متميز، ويولي الكاتب اهتماماً كبيراً لـ [ايميل كريبلن] الذي كان يؤمن بأن المصدر الرئيسي للامراض النفسية هو قصور احيائي وجيني، وهذه الافكار لا يتقبلها الكاتب، اذ ينظر اليها باعتبارها حشوات تخص علم الاعصاب، وهو يعتقد بأن طب الامراض العقلية قد ضلله ربط نفسه بالعلم وبالتالي فقدان بصيرة الانسانية. وهو منتقد لـ (الدليل التشخيصي والاحصائي للاختلالات العقلية) المقصود به المساعدة في التشخيص عن طريق إدراج الاعراض الرئيسية او تسجيل الاجوبة على اسئلة، وهو يقول ان هذه "طريقة للطبيب لإبقاء عينه على دفتر ملاحظاته وليس على المريض "، وهو محق في انه لا يوجد تشخيص لا لبس فيه وقد يعطي الاطباء النفسانيون في اغلب الاحيان الى حد كبير تشخيصاً مختلفاً لنفس المريض، ومع ذلك فـإنه لا يشير الى الكيفية التي بها يمكن للاصابة بالاكتئاب في كثير من الحالات ان تجعل الناس عاجزين عن العمل ويتجاهل الحقيقة التي مفادها ان الاكتئاب الشديد يمكن ان يؤدي الى إيذاء الذات غاطساً بالفرد في عالم لا يمت بصلة الى اي شئ موجود في الحياة اليومية، ولا يذكر البحوث التي تبين ان كل الناس تقريباً الذين ينهون حياتهم بالانتحار يكونون مصابين بمرض عقلي ويكون عموماً الاكتئاب. الاكتئاب الأشد حدة يعتبر تجربة فظيعة على حد علمي، ويصف [ويليام ستيرون] في (العتمة منظورة) عمليات تفكيره " الذي يبتلعه مدّ سام ولا يمكن تسميته، مدّ طمس أية استجابة ممتعة تجاه العالم المفعم بالحياة "، ونصيحة [غرينبيرغ] للذين يعتقدون بأنهم مصابون بالاكتئاب هو الكف عن البحث عن سبب في أدمغتهم والتي هي حكاية وحسب بل " ان تقوموا برواية قصتكم انتم عبرتم عن استيائكم ". ولا يرد ذكر الحزن في الكتاب او احتمال أن يكون الاكتئاب شكلاً متطرفاً من الحزن، والحزن عبارة عن انفعال بشري عام تبرمجه الجينات الوراثية ووظيفته التطورية هي ترميم خسارة من نوع ما، وهذه الخسارة قد تكون طفلاً تركَ وحيداً او انتهاء علاقة او فقدان وظيفة او خسارة أموال، وقد طر ِح للجدال بأن الاكتئاب الخفيف يكون نافعاً (مفيداً) حيث يجعل الأفراد يعيدون النظر في مشاكلهم وربما يتخلون عن أهداف معينة يواجهون صعوبة جمة في تحقيقها، ومن الواضح ان الحـِداد تُفجره خسارة خطيرة ولا تكون بالضرورة اكتئاباً.ومن الجلي ان الاكتئاب ينتج عن تغيرات في الدماغ لانه يمكن حثـّه بالوسائل الكيماوية مثل التركيزات العالية لهرمون الكورتيسول او قلويات العقاقير (عقار قلوي يستخدم في علاجات عديدة منها ضغط الدم المرتفع) او الفا- انترفيرون (الانترفيرون): بروتين مضاد للعدوى الفيروسية تنتجه الخلايا).يمكن ان يـُظن بالاكتئاب بأنه حزن يصبح حزناً عضالاً لجملة من الأسباب ليس اقلها العوامل الوراثية، وقابلية توريث الاكتئاب تصل الى أكثر من (50%)، و[غرينبيرغ] مرتاب للغاية بالأفكار المتعلقة بعلم احياء الخلية الخاصة بالاكتئاب مثل كونها ناشئة عن المستويات المنخفضة من السيروتونين المرسل العصبي، كما انه يتجاهل الدليل على ان
اختلاق الاكتئاب: التاريخ السري لمرض حديث
نشر في: 13 إبريل, 2010: 04:11 م