TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > دراسات وبحوث : عدالة القانون... وعدالة التطبيق

دراسات وبحوث : عدالة القانون... وعدالة التطبيق

نشر في: 18 نوفمبر, 2017: 12:01 ص

إن تطور المجتمع الإنساني لم يلغ الحاجة لعقاب المخالفين للقانون، وإنما أصبحت القوانين والعقوبات أكثر تعقيداً وأكثر تحديداً، بحيث يصبح العقاب مساوياً لمقدار المخالفة. ولم يعد العقاب كلياتياً كما كان في السابق. وجاءت الأديان والشرائع السماوية ورسخت فكرة العقاب والثواب في المجتمع، وبذلك أصبحت مشروعية العقاب عالية جداً، وتم قوننة كل ذلك في القوانين النافذة في العراق ا.

ولكن التطور الرئيس في المجتمع المعاصر، والذي لم يكن موجوداً بالسابق، هو الكيان الفردي المستقل. إذ أصبحت أغلب الدول تراعي في تطبيقها للعقوبات حقوق الأفراد المخالفين للقوانين. وحتى في الحروب، فرضت الشرائع الدولية حقوقاً للأسرى من الجيوش المتحاربة، تمثل المحافظة على الحد الأدنى من الإنسانية.
ولا نستطيع أن ننكر، والدليل يدعم ذلك، أن العقاب شكل ويُشكل رادعاً أساسياً للأفراد في المجتمع. وبالتالي، تتم حماية المجتمعات والأفراد من الذين يتعدون على الآخرين، أو على المجتمع والدولة التي يعيشون بها. لكن العقوبات وحدها ليست السبب الوحيد في تراجع الجرائم أو ضبطها، إذ هناك أسباب كثيرة تؤدي بالناس لمخالفة القانون، بعضها أسباب نفسية واجتماعية واقتصادية. لا بل في حالات معينة يكون القانون نفسه هو السبب؛ إذا لم يكن عادلاً، لأن هدف القانون بالإضافة إلى الضبط الاجتماعي، هو تحقيق العدالة بين الناس. وأحياناً يكون السبب هو عدم تطبيق القانون بالتساوي بين الناس. الدراسات السوسيولوجية والقانونية والجرمية العالمية تؤكد أنه في أغلب دول العالم، يتم تطبيق القانون على الفئات المهمشة والضعيفة والفقيرة أكثر من غيرها، الأمر الذي يعود لطبيعة القوانين التي تجرم مخالفات هذه الفئات أكثر من الفئات الوسطى والعليا في المجتمع، أو لأن الأفراد في هذه الفئات ليست لديهم الوسائل والإمكانات المالية أو الاجتماعية التي لا تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم أمام القضاء. لذلك، فالحد من الجريمة وتخفيض نسبها، يتطلب من المجتمعات الانتباه لهذه الأسباب، وليس فقط تطبيق القانون وإنزال العقوبات بحق مرتكبي هذه المخالفات.
كل المجتمعات الإنسانية تسعى إلى المحافظة على النظام وتحقيق العدالة بين المواطنين. وقد شكلت العقوبات بحق المخالفين للقانون إحدى وسائل الردع المهمة لتحقيق هذه الغاية. لكن التجربة الإنسانية تفيد بأن المجتمعات التي استطاعت أن تخفض أعداد الجرائم للحد الأدنى، لم تعتمد على العقوبات فقط، بل ركزت على مجموعة من العوامل المهمة؛ منها عدالة القانون، وعدالة التطبيق، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع. بينما المجتمعات التي تعتمد بشكل أساس على العقوبات، فشلت في تحقيق ذلك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

البرلمان يعقد جلسته برئاسة المشهداني

الأمم المتحدة: غزة تضم أكبر عدد من الأطفال مبتوري الأطراف في العالم

هيئة الإعلام: إجراءاتنا تواجه فساد المتضررين

الهجرة تعلن بدء عودة العوائل اللبنانية وتقديم الدعم الشامل لها

اللجنة القانونية: القوانين الخلافية تعرقل الأداء التشريعي للبرلمان

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram