أظهر تقرير سنوي للبنك الدولي السنوي للتوقعات بشأن بيئة الأعمال في العراق في العام المقبل، تقدماً في مؤشرات بيئة الأعمال لمعظم القطاعات، على الرغم من تراجع ترتيب العراق قليلاً في ميدان جباية الضرائب. مستشار رئيس الوزراء المالي يرى أن التغيير الذي أجراه البنك الدولي على منهجية التقدير وآلياتها في قطاع الضرائب، هو ما عرّض العراق ومعظم البلدان العربية إلى هذا التراجع.
وارتفع ترتيب العراق في سهولة ممارسة أنشطة الأعمال وفقاً للتقرير الى المرتبة 168 مقارنة مع المرتبة 165 التي شغلها وفق تقرير العام الماضي.
البنك الدولي أكد في تقريره السنوي الذي نشر مؤخراً وحصلت (المدى)، على نسخة منه، أن العراق استطاع خلال عامي 2016 – 2017 تنفيذ تغييرات أساسية في الإطار التنظيمي المحلي في نطاقين رئيسين، هما بدء النشاط التجاري والحصول على الائتمان، ملاحظاً أن بدء النشاط التجاري أصبح أكثر سهولة في العراق من خلال الجمع ما بين إجراءات التسجيل المتعددة واختصار الوقت اللازم لتسجيل الشركات، إذ لم يعد يتوجب على اصحاب الأعمال تسجيل شركاتهم بشكل مستقل لدى الهيئة العامة للضرائب، فيما تقلصت المدة الزمنية اللازمة لتسجيل الشركات، وذلك بسبب زيادة الموارد المتاحة في دوائر التسجيل وتحسين نظام التسجيل الإلكتروني.
وأضاف التقرير، أن العراق عمل على تحسين الوصول إلى معلومات الائتمان من خلال إطلاق سجل ائتمانات يُدار من قبل البنك المركزي العراقي، ابتداءً من الأول من كانون الثاني 2017، وقد شمل هذا السجل 234,967 عميلاً و4,877 مقترضاً تجارياً، تضمن معلومات عن تاريخهم الافتراضي خلال السنوات الخمس الماضية.
من جهة أخرى، نقل بيان عن المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جها، أن بيانات تقرير ممارسة أنشطة الأعمال تكشف أن الاقتصادات الهشّة كالعراق تواصل جهود الإصلاح وتتعامل مع الأزمات على أنها فرص لتحسين أنظمة الأعمال، مضيفاً: وهذا يعد كجزء من برنامج رؤية 2030، حيث شرعت الحكومة العراقية في أجندة إصلاح أساسية تستند إلى برنامج إطار العمل الحكومي العام (2014– 2018) الذي يكرّس أولوية للإصلاحات الاقتصادية المؤسسية وتطوير القطاع الخاص، كما أن البنك الدولي ملتزم بدعم جهود الحكومة العراقية في تنفيذ الإصلاحات ذات الأولوية التي من شأنها تعزيز بيئة الأعمال وتحقيق نمو وفرص أفضل لجميع العراقيين”.
المستشار المالي لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح، قال في حديث لـ (المدى) تعقيباً على تقرير البنك الدولي، إن هذا التقرير والمسمّى تيسير بيئة الأعمال في العراق، يؤكد أنه وعلى الرغم من حصول انخفاض في جباية الضرائب، فإنه يبيّن وجود ارتفاع في معظم مؤشرات القطاعات الأخرى، وذلك لأن البنك الدولي قد غيّر منهجية فقرة الضرائب مما عرّض العراق ومعظم البلدان العربية الى االتراجع في ترتيبها، مستدركاً بالقول: من جانب آخر يظهر التقرير أن هناك تحسناً جوهرياً في مؤشرات بيئة الأعمال في العراق لمعظم القطاعات أو النشاطات التي يعتمدها البنك الدولي للعام ٢٠١٨ للعراق، وثمّة فرص واعدة لقطاعات الاستثمار والمقاولات الاجنبية للعمل في اقتصاد الاستقرار والسلام في العراق.
وقال صالح: مما يؤسف له، أن ثمة تغييراً أجراه البنك الدولي على منهجية التقدير وآلياته في قطاع الضرائب حصراً، مما أدت الى تراجع موقع العراق النسبي عن معدله العام في ترتيبه بين البلدان مقارنة بما هو عليه في التقدير السابق، لكن من جانب آخر، هناك تحسن كبير في مجالات تسجيل الشركات، إضافة لمؤشرات أخرى.
أما الخبير الاقتصادي، حسن حداد حسن، فيرى في دراسة نشرت له تعقيباً على تقرير البنك الدولي، أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وضع بعد بضعة أشهر من بدء ولايته، رؤيته للإصلاحات أمام القادة العالميين في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، فبحلول صيف عام 2015، كانت إصلاحاته السياسية قد استحوذت على جميع العناوين الرئيسة، ومع أن تقرير البنك الدولي بشأن ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2018، الذي يقيس الأنظمة التي تعزز النشاط التجاري وتلك التي تقيّده"، ويصنّف "سهولة ممارسة الأعمال التجارية" في 190 بلداً، لا يختلف عن تقارير "ممارسة أنشطة الأعمال" السابقة بشأن العراق، لكن نظرة فاحصة له تظهر قصة مختلفة، فعلى سبيل المثال، إن من بين عشرة مؤشرات تشكل النتيجة الكلية للاقتصاد، نرى تحسن العراق في ستة مؤشرات بدءاً من عام 2017، ففي "بدء النشاط التجاري"، فإن المؤشر الأول للتقرير، الذي ينظر في عدد الإجراءات والوقت والتكلفة ورأس المال الأدنى المدفوع المطلوب لبدء شركة ذات مسؤولية محدودة ارتفع، مما أصبح أكثر جاذبية للمستثمرين في الوقت الذي تختتم فيه الحرب ضد داعش، ويرى العالم أن جهود العراق للإصلاح خطيرة، ولها تأثير على الأرض.
ويذهب الخبير الى القول، بأننا عندما نعتبر أن العراق يتنافس مع 189 دولة أخرى تتطلع إلى تحسين صورتها والتنافس على الاستثمار الدولي، نجد هنا أيضاً تحسناً جديرا بالثناء بالنظر إلى البيروقراطية العراقية الطاغية التي يمكن أن تجعل الحصول على أبسط الخدمات الحكومية أمراً صعباً، وأخيراً، يجب أن لا ننسى أن هذه الجهود قد بُذلت لأن العراق خاض وهزم أكبر منظمة إرهابية في العالم.