احمد نصيف المفاهيم التي جاءت بها الحياة الأمريكية المعاصرة والتي تأسست بطريقة جمع لا يخلو من الغرابة ، أصبحت فيما بعد منهجاً لحياة كاملة مليئة بالدهشة والمتعة ولا تخلو من تناقضات  ووضعت مفهوم الفردية
 على راس اولوياتها وعلى كل المستويات واستطاعت أن تحقق قفزات اقرب للخيال منها للواقع في المجال التكنولوجي وانعكس بدوره على العلاقات الاجتماعية والسياسية والثقافية طبعا وقد تعاطت مع هذه المفاهيم والقيم مجموعة من الفنانين التشكيليين وأصبحت لهم مادة لمواضيعهم الفنية ولاطروحاتهم الجمالية كان اندي وارهول واحداً من أهم متبني هذه الأفكار.قدر لوارهول أن يولد في أمريكا وتعود أصول عائلته إلى سلوفاكيا . ولد في ماسوشيتس سنة 1928 ووجد نفسه ضمن هذا المناخ وانسجمت أفكاره وميوله مع تجربة الحياة الدسمة الأمريكية وأنتج أعمالاً فنية غاية بالروعة والجمال أصبحت فيما بعد أهم الاطروحات الجمالية على مدى عصور من الفن . إن وارهول يفكر بطريقة مختلفة عن الآخرين من أقرانه الفنانين حيث وجد طريقه في التعبير بشكل جديد ومعاصر وأيضا في طريقة استخدامه الخامات والتقنيات لكي يصل إلى ما يصبو إليه ويحيل إنتاجه الفني لشيء ما يشبه حياته إلى درجة كبيرة.استفاد وارهول كثيرا من عمله برسم المنتجات التجارية لغرض الترويج لها وخير دليل على هذه المرحلة رسمه لعلب الكامبل سوب (Cambell Saup Cans) وأصبح حينها الرسام المفضل لمجلة فوغ (Vogue) وكان هذا العمل بداية لمشواره العظيم والمرح مع لوحته المعاصرة ، مهد له عمله بالمنتجات التجارية والترويج لها التفكير بطريقة توظيفها لإعمال فنية.شرع وارهول في مطلع الستينيات برسم الصور الشخصية لمشاهير من الأمريكان ومشاهير العالم من فنانين وسياسيين بعد حادثة الاغتيال التي تعرض لها على يد امرأة والتي أثرت على طريقته في الرسم والأفكار والمواضيع التي تناولها  مثل مارلين مونرو وإليزابيث تيلور الممثلتين المشهورتين وأيضا رسم فيك جاغر ومايكل جاكسون وبرجيت باردو ومن السياسيين ماوتسي تونغ والامبراطور الايراني  محمد رضا بهلوي والرئيس كارتر وغيرهم من المشاهير وجعل منهم مادة لمواضيع لوحاته ويمكن القول إن فلسفة الاستهلاك أثرت في هذه المجموعة من الأعمال.كانت أشبه للترويج لبضاعة ما أو إعلان لمرشح في الانتخابات وهي بالتأكيد تجسيد أو رد فعل على الثقافة الأمريكية المعاصرة القائمة على الصرعات الآنية والقيم الفردية العالية والتي وضعت القيم التاريخية والأخلاقية خلف ظهرها ومضت قدما وركزت على المصالح فقط.من ضمن أطروحات وارهول المهمة انه في عام 1962 أسس ما عرف بأستوديو المصنع من خلال هذا الأستوديو استعان بالكثير من العمال ذوي المهارات الفنية لإنتاج لوحات وملصقات بكميات كبيرة تروج لسلع ومنتجات تجارية وأفلام سينمائية.وارهول لم يغفل ما يدور حوله فكان مزيجاً من نبرة الإبداع وقلقه والتفكير بطريقة عمل اللوحة وصناعتها لتنسجم مع طريقة التلقي والذوق العام. فعندما تشاهد لوحة وارهول تستنتج إنها مصنوعة بشكل مثالي وإنها تطرح أيضا هموم الفنان ورأيه في النمط الاستهلاكي الأمريكي وثقافة التمييز العنصري من شريحة لشريحة أخرى ، وفكرة عمل لوحة الكرسي الكهربائي فيها اعتراض واضح من قبل وارهول على استمرار التعاطي بحكم الإعدام على الرغم من أن الأمة الأمريكية قد قطعت شوطا طويلا في الديموقراطية.جسدت لوحة جاكي الحمراء التي عملها وارهول لجاكلين كندي أرملة  الرئيس الراحل جون كيندي الذي قضى نحبه اثر حادثة الاغتيال المشهورة ،جسدت هذه اللوحة تعاطف الشعب الأمريكي مع هذه الأرملة وأحبوها حد الذوبان وكانت هذه اللوحة واحدة من سلسلة رسمها الفنان لجاكلين كندي وكانت هذه اشهرها على الإطلاق ونفذها بطريقة السكرين الذي كان مولعا به واعتبره جزءا من شخصيته وهي ابتكار رائع لاستخدام تقنيات جديدة كسرت كل المفاهيم التي تعود  عليها الفنان والمتلقي على حد سواء على  مدار قرون طويلة من الرسم .ولا يمكننا أن لا نذكر أن وارهول كان فناناً غريب الأطوار في حياته الخاصة والتي كانت واضحة في طريقة لبسه وتصفيف شعره الذي صبغه باللون الذهبي وكثيرا ماكان يرتدي الباروكة الفضية المشهور بها وروح التمرد على الواقع كانت أحدى أهم صفاته والتي انعكست على سلوكه الغريب وتمثل في ميوله المثلية الجنسية وهذا أيضا دفعه لرسم مواضيع عبر فيها عن ممارسات جنسية بين الرجال تظهر فيها الأعضاء التناسلية واكثرهذه اللوحات مرسومة بدرجات اللون الرمادي فقط.وارهول فنان عظيم بكل ما تحمله الكلمة من معنى في اقل تقدير بالنسبة لي، وهو احد رموز الفن الشعبي(pop art) وقد قاد ومن معه توجهاً فنياً  غير وجهة نظر العالم عن الفن وقد تأثر به الكثير من الفنانين لأنه أصبح هو نفسه موظة من موظات الثقافة الأمريكية.توفي وارهول في عام 1987 بعد مضاعفات صحية اثر عملية أجريت له في المثانة .