TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مبادرة آخر لحظة

مبادرة آخر لحظة

نشر في: 12 نوفمبر, 2017: 09:01 م

منذ فترة بعيدة وعدوى الأزمات الخانقة تطارد عالم الرياضة بجميع مؤسساته وألعابه أسوة بالسياسة، بل وتشبهها الى حدود بعيدة في التعاطي والحلول والمبادرات أيضاً، وصار من السهل التنبؤ بما ستفضي إليه الأحداث المتراكمة والقضايا العالقة بين جميع المؤسسات، ومن الممكن القول إن حلول اللحظات الأخيرة أو مبادرة آخر لحظة هي القشّة التي تقصم ظهر البعير وتفرض الحل الأخير كواقع حال لا يقبل النقاش أو الاجتهاد مجدداً، المشكلة أن جميع من يتولى المسؤولية أو من يراقبها يدرك فداحة الخطأ وعقم التجربة ومع ذلك يركن الى تسيير الأمور بخواتيمها، فكم من جدال حاد أربك وضع منتخباتنا الوطنية وبكرة القدم تحديداً بين اعتماد المدرب الأجنبي أو المحلي وينقسم حينها المؤيد والمعارض الى فرق شتى تدافع وتثبت بالأدلة العقلية والنقلية جدوى هذا وجدية ذاك ويسدل الستار أخيراً قبل موعد البطولة بأسبوع أو أكثر بقليل تحت مسمّى مبادرة آخر لحظة، واعتماد من يتم اعتماده كواقع حال يلجم الأفواه تحت ضغط المشاركة المستعجلة، يظن البعض أن الخلطة مرّت بهذه الصورة المزدحمة من الآراء والعقبات وصعوبة الاتصال وتأمين الماديات وغيرها، والحقيقة هي شيء آخر تماماً لأنها اسلوب قديم متبع في عالم السياسة هدفه إرباك الوضع وشدّ الأطراف ومن ثم الركون الى الحل المفيد لمن بيده مفتاح اللعبة.
هكذا هو الحال ببساطة ودونما تعقيد، ومن الممكن لمن يريد أن يتأكد أو يحلل هذا الرأي أن يعود الى جميع الأزمات الرياضية الخانقة التي عصفت باتحاداتنا الرياضية ومنتخباتنا الوطنية وأنديتنا ومنها على سبيل المثال، دوري النخبة المنتظر الذي تأخر كثيراً كما هو معروف وشذَّ عن بداية الانطلاق مع جميع دول العالم ووصلت الأمور فيه الى التهديد والوعيد والانقسامات حتى من داخل الاتحاد المركزي ولجنة المسابقات والأندية، ويقيناً أنها ستبقى مشدودة الى اللحظة الأخيرة التي تنتهي فيها اجتماعات الفنادق والمنازل ويختتم العزف على انغام الفضائيات بمن يندّد ويفنّد ويكون الحل من واقع الحال المضطرب الذي لا يسمح بخسارتنا الوقت والجهد دون الانطلاق، لاسيما وأن الأندية الرياضية قد أجهدت نفسها استعداداً في ساحات تونس وتركيا ولا يمكن بعد ذلك أن يكون الدوري النخبوي مؤجّلاً إلى ما لا يعرف مصيره.
الخلاصة في الحديث، أن هذا الذي يحصل ونتعايش معه مُرغمين هو سياسة مناسبة جداً للواقع اليوم، وحالة التشتّت التي نعيشها بعد أن تركنا التخطيط والدراسة المستفيضة ومواكبة الأطر الحديثة للتنظيم والعمل المتبعة في العالم من حولنا واستأنسنا الفوضى العارمة التي مزّقتنا شرّ ممزق حتى لنرى أن الحلول والتطوّر المستقبلي صار أمراً بعيد المنال، والدليل هو التراجع الخطير في رياضتنا الإنجازية وبعدها عن المنافسة العالمية، حدود مرعبة سحبت بتأثيراتها الإعلام الرياضي هو الآخر وقسّمته الى فرق دفاع وسواتر للتصدي وتبني آراء الجهات المسؤولة في عالم الرياضة، ومن النادر أن ترى جهة إعلامية محايدة دون أن تتصيّدها حبال المؤسسات وتجيّر آراءها لمصلحتها الخاصة.
قد يكون الواقع السوداوي الذي أطرحه مُرّاً مبهماً، ولكن لابد أن تنتهي هذه اللعبة في يوم من الأيام بخطوة شجاعة تكسر الصمت وترفض حلول اللحظة الأخيرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram