TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إسطوانة الفساد.. المُمٍلّة

إسطوانة الفساد.. المُمٍلّة

نشر في: 11 نوفمبر, 2017: 04:28 م

adnan.h@almadapaper.net

 

انضمّ محافظ نينوى نوفل العاكوب إلى نادي المحافظين المقالين والمطلوبين للعدالة عن قضايا فساد إداري ومالي. المؤكد أنه لن يكون الأخير في هذه السلسلة"الذهبية"! يبدو أنه ما مِن محافظ في هذه الدولة نزيه وشريف، ويبدو أن هذه القاعدة تنسحب على الغالبية العظمى من مسؤولي الدولة.
من قضايا الفساد المُثارة ضد محافظ نينوى المقال، وربما كانت هي القضية الأقل شأناً، أنه صرف 60 مليون دينار عراقي من ميزانية إعمار المحافظة من أجل سارية للعلم العراقي عند مرقد النبي يونس في أيسر الموصل!..
بالطبع سارية العلم ليست أولوية في مدينة منكوبة ومدمّرة بالكامل كالموصل التي يتطلّع سكّانها إلى تعمير بيوتهم وإصلاح شوارع مدينتهم وتوفير الخدمات الأساس لهم. وحتى لو كانت سارية العلم في أدنى درجات الاولوية، فمن الجنون التفكير بصرف 60 مليون دينار (50 ألف دولار أميركي) على سارية علم، إلا إذا أنشئت قاعدتها من المرمر النادر، وطُلي عمودها الخشب أو المعدن بالذهب، ورُصِّعت هامتها بالاحجار النفيسة... أو... زُوّرت فواتير الشراء لتُضرب قيمة الشيء بعشرة أمثالها، كما يحصل في مشرق العراق ومغربه وشماله وجنوبه منذ 2003 حتى اليوم.
في مئة مناسبة أو أكثر، سمعنا رئيس الوزراء حيدر العبادي وهو يتوعّد الفاسدين والمفسدين بسوء العاقبة، ورأيناه يضرب على صدره مُتعهداً باستئصال شأفة الفساد، لكنّنا لم نزل نسمع جعجعة ولا نرى طحناً.
الكشف عن عمليات الفساد والقائمين بها مهمة ليست بالمستحيلة ولا بالصعبة في هذي البلاد، فالفاسدون، وهم في الغالب من كبار المسؤولين في الدولة ومساعديهم وأصحاب المصلحة معهم، لم يكونوا أذكياء بالدرجة الكافية لإخفاء معالم جريمتهم تماماً. كانوا يمارسون فسادهم علناً في الغالب بطرق تدلّ على الجهل من جهة وعلى الاستهتار بالقانون من جهة أخرى. ثمة أمثلة فاقعة للغاية على هذا، فأحد النواب تحدّث غير مرة أمام عدسات التلفزيون مُعترفاً بأنه ارتشى وأنّ الآخرين"كلّهم"يفعلون الشيء نفسه، ونائب آخر ظهر أمام التلفزيون يعد الناخبين بتوزيع أراض عليهم إنْ هم انتخبوه ورئيس قائمته، ونائبة ثالثة أقرّت أمام عدسة التلفزيون أيضاً بأنها وسواها"يتقاسمون الكيكة"، ولم نر ردّ فعلٍ حيالهم من الحكومة أو مجلس النواب أو السلطة القضائية، وبخاصة جهاز الادعاء العام.
الآن نحن في اللحظة الأخيرة للقضاء على الإرهاب، ومن المفترض أن تكون هي اللحظة الأولى لمكافحة الفساد على نحو جدّي، فالفساد هو الذي مكّن الإرهاب منّا.. والفساد هو الذي سيمكّن الإرهاب مرّة ثانية وثالثة وعاشرة.
العراقيون سمعوا الكثير عن الفساد ومكافحته.. طبلات آذانهم تؤلمهم من فرط تكرار هذه الإسطوانة.. العراقيون لم يعودوا في حاجة إلى سماع حرف واحد في هذا الصدد.. إنهم يريدون أن يروا بأمّ العين عملاً حاسماً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين وعود حيدر العبادي مجرد جعجعة بلا طحين وتصور ان الشعب العراقي غبي الى هذه الدرجة لكي يصدقهم ويصدق وعوده الفضفاضة والشعب العراق فعلا ملَّ ونفذ صبره والشعب العراقي يعرف جيد جداً ان حيدر العبادي لو كان صادقاً وجاداً في وعوده فلم ولن تستغرق عم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram