يجد الكثير من الرجال أنفسهم خلف القضبان بتهمة التحرش بالنساء على الرغم من أن نوايا بعضهم تندرج في إطار المجاملة لا أكثر، ولم يخطر على بالهم أن تصرفهم سينظر إليه من قبل النساء على أنه سلوك غير أخلاقي أو اعتداء جنسي، ويصنّفه القانون على أنه جريمة تستحق العقاب .
وعلى الرغم من وجود بعض الضوابط الاجتماعية التي فرضتها النظم الأخلاقية والدينية للفصل بين الأمرين، إلا أنها اعتبرت في نظر الكثيرين قواعد مبهمة وغير واضحة وحتى في ظل وجود عدم اعتراض أو مقاومة من قبل المرأة، فهذا لا يعني بالضرورة من وجهة نظر خبراء القانون نفياً قطعياً لحادثة التحرش، نظراً لأن أغلب الانتهاكات ضد المرأة خاصة في المجتمعات العربية، مازالت تُحاط بالسرية والكتمان .
وفي الوقت الذي يصف القانون البريطاني التحرش الجنسي بأنه “سلوك ذو طبيعة جنسية غير مرغوب فيه، يهدف إلى إيجاد بيئة عدائية مهينة ومسيئة تنطوي على خوف”، بغض النظر عن النوايا الحقيقية لمرتكبيه، فإن بعض علماء الاجتماع يرون أنه لا ينبغي للأفراد أن يعتمدوا على تأويلات القانون فحسب في التصرفات التي يقومون بها في المجتمع .
وفي هذا الصدد قالت كاثرين حكيم عالمة الاجتماع البريطانية والمهتمة بقضايا المرأة، إن “القواعد المفروضة في ما يتعلق بالتحرش الجنسي غير فعّالة ولا تحمل أي جدوى”، مضيفة أن “القانون يعتبر أولياً لكي تجرى الاستفادة منه في تنظيم التفاعل الاجتماعي داخل أي مجتمع . وأوضحت، أن أفراد المجتمع في بعض الثقافات، ومن بينها المجتمع البريطاني، يفرطون في مسألة التحفظ والنظر تجاه مسألة التحرش بشكل عام”، وتقول إن “ما ينظر إليه في القارة الأوروبية على أنه مجاملة أو إغراء اعتيادي، يُنظَر إليه في شمال أوروبا على أنه تحرش جنسي”. فيما أيّد فرانك فروريدي الباحث في علم الاجتماع، الفكرة القائلة، إنه على الأفراد أن يثقوا في حكمهم على التصرفات التي يواجهونها بدلاً من أن يعتمدوا على التأويلات التي يضعها القانون .
وأضاف “إذا ما أصبحت هذه القوانين هي الأساس الذي يمكننا من خلاله أن نميّز الصحيح من الخطأ، فإننا سنفقد قدرة المجتمع ونضجه في التعامل مع المشكلات التي عادةً ما تكون معقدة .