توقع محللون سياسيون في الشرق الأوسط، بأن فوز الرئيس الأمريكي بارك أوباما بولاية ثانية، لن يغير في مجرى الأحداث في المنطقة بشكل كبير، لكنهم أجمعوا على جدية المبادرات التي قد يوجهها أوباما تجاه المنطقة.
وأشار رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير محمد شاكر، إلى أن أوباما سيعمل على تكثيف جهوده لمعالجة القضية الفلسطينية، "واستئناف المحادثات لتنشيط عملية السلام". واستبعد شاكر أن يدفع أوباما باتجاه تدخل عسكري لإيجاد حل للوضع السوري في ظل موقف روسيا، وأكد أنه سيستمر بالبحث عن "حل دبلوماسي لوقف سفك الدماء في سوريا".
أما في الملف الإيراني، فأشار شاكر إلى أن أوباما سيحاول العثور على "حلول دبلوماسية معمقة أكثر لمنع التسلح النووي في الشرق الأوسط".
وفي ذات الإطار يقول المحلل السياسي ومدير مركز القدس للدراسات السياسية في الأردن،عريب الرنتاوي: إن هناك "تقديرات بأن أوباما لديه أفكار ليست لها علاقة بحل القضية الفلسطينية سياسيا وتفاوضيا".
وأكد الرنتاوي أن الأردن "طالما رحب بالتعامل السياسي مع الرؤساء الديمقراطيين والجمهوريين لإيجاد حلٍّ للأزمة الفلسطينية". أما بشأن الربيع العربي، فأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات الدكتور عبد الخالق عبد الله أن أوباما سيستمر على النهج نفسه في "دعم عملية التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط ومساندته خلال فترة رئاسته للسنوات الأربعة المقبلة". وخص عبد الله الموضوع السوري، مشيراً إلى أنه "أصبح في الدقائق العشر الأخيرة،" وأن "المعركة الحاسمة في دمشق اقتربت". وأضاف: "الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل الإدارة الثانية لأوباما، سيكون لها دورٌ حاسمٌ في مرحلة ما بعد الأسد،" متوقعا البدء بالتمهيد لهذه المرحلة في اجتماعات تنعقد حاليا، في العاصمة القطرية، الدوحة. وتوقع عبد الله ثلاثة سيناريوهات لتولي أوباما الموضوع الإيراني، منها استمرار العقوبات الاقتصادية وتشديد العقوبات المفروضة على طهران، أو أن يكون هنالك "اتفاق ما بين واشنطن وطهران للتوصل إلى حل للأزمة الإيرانية،" منبهاً إلى أن أوباما "لديه الاستعداد السياسي والنفسي لتهدئة الأوضاع، مما قد يشكل تتويجاً لرئاسته". أما في العراق فيرى قياديون في التحالف الوطني أن اوباما في فترته الثانية سيكون أكثر قوة في التعامل مع الملف العراقي وأن قيادات التحالف تتوقع منه سياسات أكثر تدخلاً في موضوع الخلافات الداخلية بين المالكي من جهة ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس ائتلاف العراقية إياد علاوي من جهة ثانية، بخلاف السنوات الأربع السابقة التي نأى فيها عن أي تدخل في هذه الخلافات وتجنب ممارسة الضغوط على رئيس الوزراء، لأنه كان يتبنى فكرة أن على العراقيين أن يحلوا خلافاتهم بأنفسهم.
وقال النائب في العراقية احمد العلواني إن هناك إشارات من فريق الرئيس أوباما بأن الاهتمام الأميركي بالملف العراقي سيتضاعف لسببين الأول: يتمثل بتصاعد حدة الخلافات الداخلية ما يهدد بتفكك العملية السياسية التي رعتها الولايات المتحدة منذ العام 2003، إذا استمر المالكي بسياساته التصادمية والمتشددة مع شركائه، والثاني يتعلق بتطورات الملفين السوري والنووي الإيراني، وهذه التطورات جعلت من العراق الذي يتوسط هاتين الدولتين محطةً جيوسياسية حيوية لأي تحركات دولية للتعامل مع هذين الملفين الشائكين، مضيفاً ان اوباما ونائبه جو بايدن المعني بالملف العراقي سيعملان في الفترة الرئاسية الثانية على إحياء الدور الأميركي القوي في العراق وإضعاف نفوذ إيران في المنطقة، وبالتالي لن يستمر الموقف الأميركي السابق على حاله بترك الساحة العراقية مفتوحةً لنشاط القادة الإيرانيين.
في سياق متصل، قال قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني أن الرئيس أوباما لن يسمح للمالكي بتدمير العملية السياسية الديمقراطية في العراق وان مرحلة جديدة من التعامل ستظهر في الشهور المقبلة من ولايته الثانية، مؤكداً أن الضغوط الأميركية ستتزايد على رئيس الوزراء للقيام بإصلاحات جذرية وباحترام الشراكة في الحكومة.