حازم مبيضين بدخول القرار الإسرائيلي المتعسف، الذي يجيز طرد آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية حيز التنفيذ أمس الثلاثاء، تكون مرحلة جديدة من الصراع قد بدأت في ظل رفض عام لحيثيات موقف اليمين الصهيوني، ودعوات عربية ودولية صادقة لاستئناف التفاوض، بغية التوصل إلى حل سلمي للمعضلة الفلسطينية، ومماطلة إسرائيلية تقودها حكومة بنيامين نتنياهو التي تحاول التمويه على قرارها الأخير، بالتلاعب بالألفاظ وعدم الوضوح .
القرار من الناحيتين القانونية والسياسية يتجاوز الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وهي اتفاقات تؤكد أن الضفة وقطاع غزة وحدة جغرافية واحدة، وبما يعني أن المواطن الفلسطيني يمتلك الحق الكامل في الاقامة على أي موقع في تلك البقعة الجغرافية، دون أن ينازعه أحد في ذلك الحق الذي تضمنه القوانين، والسائد في كل دول العالم إلا إن كانت الدولة العبرية تعيش خارج نطاق العرف الانساني لجهة تعاملها مع الفلسطينيين . الخطوة بدون شك ولا مبالغة، تدخل في إطار التطهير العرقي الذي تنتهجه إسرائيل، ويبدو شديد الوضوح في التضييق على المسيحيين الفلسطينيين المقيمين في القدس، والذين يغادر أكثر من 500 شخص منهم المدينة المقدسة سنوياً، نتيجة للسياسات الإسرائيلية، التي تستدعي تدخلاً فاعلاً من الرباعية الدولية، باعتبارها تمثل المجتمع الدولي في ما يخص الحل السلمي، ومن جامعة الدول العربية التي هددت بسحب مبادرة السلام العربية، رداً على الإجراءات الرامية إلى ترحيل آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية، وهي إجراءات تنسف إمكانيات تحقيق السلام، بحسب تعبير أمينها العام عمرو موسى.لايتعلق قرار حكومة نتنياهو بالفلسطينيين وحدهم، وإنما تمتد آثاره لتستهدف الأجانب المقيمين في الضفة، والهدف هنا واضح، وهو التصدي لمشاركتهم الفاعلة في المسيرات المناهضة للاحتلال، وحرمان الشعب الفلسطيني من الخبراء الذين يحتاجهم في بناء مؤسسات دولته، وهو قرار غامض يفتح الباب أمام سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي لتفريغ مناطق من سكانها، وترحيلهم جماعياً بدعاوى الحصول على إذن، بهدف تكريس وتعميق سلطة الاحتلال، وتسهيل السيطرة على أراضيهم، وتوسيع الأنشطة الاستيطانية عليها خاصة في القدس الشرقية.الغريب أن وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام والاتصال، تبنى النفي الإسرائيلي اللفظي الذي قدمته الخارجية الاسرائيلية للسفارة الاردنية في تل أبيب، رغم أن قائد الجبهة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، أصدر أوامره قبل ستة أشهر، على أن يبدأ التنفيذ بتاريخ 13 -4 ، بطرد أو محاكمة نحو 70 ألف فلسطيني من الضفة بذريعة أن وجودهم فيها غير قانوني، وينتمي هؤلاء لثلاث فئات أولاها أبناء قطاع غزة، أو أي شخص يثبت أن أصل أحد والديه من القطاع، والثانية حملة الهويات الإسرائيلية للذين يقطنون بالضفة، وكذلك الأجانب الموجودون بها، والثالثة الفلسطينيون الذين دخلوا إلى الضفة بتصاريح وانتهت صلاحيتها.القرار الإسرائيلي لم يكن اعتباطياً ولا هو من باب ردود الفعل، وهو مدروس بعناية والغاية الاخيرة منه هي وضع العراقيل في وجه قيام الدولة الفلسطينية، وفرض حقائق جديدة على الارض، وهو يستدعي انتفاضة جديدة تكون مبرراً بين يديه لمزيد من القمع، ويقدمها للمجتمع الدولي باعتبارها رفضاً عنيفاً لفكرة الحل السلمي.
خارج الحدود: تصعيد إسرائيلي مدروس ومرفوض
نشر في: 13 إبريل, 2010: 05:45 م