لا اعتقد بموسمية الانشغال الثقافي عند الكتاّب، والمبدعين، والمشتغلين بانتاج (السلع) الثقافية، فنحن نفترض انشغالاً دائماً، ومشروعاً مستمراً بانتاج الجديد الثقافي، وهي عملية تفترض فعاليتين مترابطتين هما: الاطلاع (القراءة)، والانتاج (الكتابة)..
يمكن القول انني مشغول بما اعتبرها (مهماتي الآن):
أولاً، إتمام كتابي عن الفن العراقي، وهو ما لم استقر على عنوانه بعد، لأنني من المؤمنين أن العناوين، كما المقدمات، متقدمة مكاناً ولكنها متأخرة زماناً كما يقول الناقد العراقي سعيد الغانمي، فمادة الموضوع هي التي تفرض عنوانه. سيتضمن كتابي مقالات عن العديد من أبرز الفنانين العراقيين ومنهم: جواد سليم ومحمود صبري وشاكر حسن ال سعيد وهناء مال الله ومحمد مهر الدين وعلي طالب وكريم رسن وهاشم حنون وغيرهم، وأيضاً عن بعض ظواهر الفن التشكيلي العراقي مثل: واقعية الكم، تقنيات الخراب للرسامة الدكتورة هناء مال الله، والجهاز المفاهيمي وعلاقته بالمنجز المتحقق، وأجيال الفن العراقي، ويتركز في محاولة تطبيق مقولات قد تكون مختلفة بعض الشيء عما هو سائد في النقد التشكيلي العراقي، وهو افتراض أن اللوحة وجود مادي (شيئي) في جوهره، وجود منعزل عن شخصية منتجه، وعن أية معلومات ببليوغرافية (خارج مادية)، أما (موضوعات) الفن وسردياته، فافترضها الهوامش الفوقية، والكتاب، في أساسه، محاولة تطبيق عملي لهذا الستراتيج ..
أما الانشغال الثاني فهو محاولة تأسيس نظام شخصي للكتابة الكترونية من أجل مواكبة التطورات التكنولوجية في الكتابة، وهو ما يجهله البعض من الكتاب، وربما هم بسبب جهلهم، يتخذون مواقف تبريرية، أو (عدائية) من (الكتابة الالكترونية).
لقد تضمن مشروعي الشخصي هذا: استبدال مكتبتي الورقية بأخرى الكترونية، وهو ما اسميه (المكتبة الالكترونية) التي هي استنساخ مصغر لتجربة (الحكومة الالكترونية)، وهي تجربة تتضمن تفعيل نظام حفظ الكتروني للكتب وتبويبها، ويتضمن أرشيفاً من الصور والفيديوهات، هو مشروع مازال في بدايته، وهو يتضمن، إضافة لانشاء مكتبة كتب (تقليدية) تم تحويلها الى نسخ الكترونية، تتضمن كذلك نصوصاً (الكترونية) و في الوقت عينه: صوراً وملفات متحركة وروابط الكترونية تماثل الهوامش في الكتب ، فانشأت (مجموعة) اسميتها (النقد التشكيلي) وقد انضم لها الكثيرون، وهي من الممكن أن تكون منبراً لاراء النقاد والفنانين ونشاطاتهم، ولكنها مازالت في البداية ورأسمال البداية ضئيل..
ولقد حاولت في محاضراتي التي أقمتها في البصرة عن المعمارية الراحلة (زها حديد)، وعن جورنيكا بيكاسو (الفيلم)، استخدام كل المعلومات المتاحة من: نصوص، وصور، وفيديوهات، وتسجيلات صوتية وغيرها..
لقد كان أكثر الكتّاب وعياً بالكتابة والنصوص (الالكترونية) الدكتور المصري ياسر منجي yaser mungy و تتضمن نصوصه: مقاطِع الفيديوِ القصيرةِ، ْمَصحوبة بِتعلِيقياته الصوتيةً، والصور عالية الوضوع، والوثائق، والروابط، والمرفقات الالكترونية الاخرى، والإحالات الى صفحات الكترونية أخر، إضافة للنص المدون المطبوع، وأن هذه النصوص الالكترونية ذات قابلية على إعادة الكتابة ب(طبعات) متعددة خلال فترات قصيرة، فتجرى عليها تغييرات تغيرها جزءاً أو كلاً، كما إنها نصوص حوارية تشكل ملاحظات (هوامش) متجددة وقابلة للتضخم بشكل مستمر..
إن هذه التجربة لم تجد إلا مساهمات طفيفة، وبشكل أقرب الى (التقليدية الورقية) من قبل نقاد الفن التشكيلي في العراق..
* فنان وتاقد تشكيلي