التهديد ببقاء الأندية الرياضية واستمرارها بالوجود لا يقتصر على موجوداتها المادية والإمكانات المتاحة لدى إداراتها فقط، بل يتعدّى ذلك الى ماهو أخطر ليشمل تساوي وجودها من العدم أيضاً يوم ينفرها الجمهور، ويملّ سماع دويّ مشكلاتها المزعجة، فينفرط عقده ليلعن التشجيع والمتابعة معاً.
قد يحدث كل ذلك في ضوء حالة من عدم الاستقرار والتكهّن بالمستقبل تعيشها الأندية المؤسساتية والأهلية معاً، توضّح لنا حالة التعب المفرط والانغماس بما لا يمت الى الرياضة بصلة، وصل حتى لتعجب أشد العجب، من الكيفية التي تسيّر بها الألعاب الرياضية، ولتأخذ مثلاً عيّنات بسيطة لما تمرّ به اندية الشرطة والميناء والطلبة وكربلاء والسماوة، فكل منهم يحتاج الى معجزة بمفهوم العصر الحديث لتجاوز محنته وإرباكاته المتصلة مالياً وإدارياً، وأخرى تتعلّق بإجراءات القانون وما التلويح بالانسحاب إلا حالة طبيعية للضغط يلجأ إليها البعض، ولكنها غير مجدية ولن تجد من يتأثر بها، وبالتالي، فإن الأندية تعمد الى إبقاء كرة القدم كواجهة لها بأيّ شكل ومضمون حتى وإن خسرت جميع ألعابها وهنا تسكن العبرات إزاء الضرب المميت للرياضة برمتها.
جميعنا يعلم أن الأندية هي خلايا التماس الأولى بالموهبة الرياضية وبواباتها للتطوّر وتعزيز المنتخبات الوطنية، وتلاشي الألعاب الفردية والجماعية تعني خسارة لا تعوّض لمستقبل المنتخبات الوطنية وتراجع مكانة العراق دولياً في هذا المجال.
هنا لا نريد التعكّز على الجهد الحكومي لإنعاش الرياضة اليوم، وليحصل ما يحصل في الغد، فهذه النظرية البائسة هي نتاج وضع صعب تمر به جميع مفاصل الحياة التي اعتمدت الانفاق الحكومي دونما تخطيط وبرمجة تذكر لبناء مستقبل واعد لأجيال تنتظر التنوّع وتصطدم بموازنة لا تعرف غير النفط واستنزافه من كنوز أرضنا لتغذية العجلة مؤقتاً.
ولو استعدنا شريط معاناة الأندية وتهديدها بالانسحاب وقفل أبوابها لسنوات خلت، سنجدها كثيرة وبذات الآلية مع غياب واضح للحلول التي اكسبتها في العالم من حولنا خبرة لتسيير الأعمال والبقاء بعمل متقن يحترف الرياضة والاستثمار الرياضي بكل موجودات الأندية المتنوّعة والمدرّة للدخل ولم نسمع عن عجز لأحدها حتى في أشد دول القارة الأفريقية بؤساً.
هنا مكمن الخلل والفشل الإداري الاستثماري، والعجيب أن جميع الأندية بلا استثناء، عندما تفكّر في جانبها الاستثماري لا ترى غير التفريط بمقتربات النادي وتوابعه للإيجار كمرائب سيارات ومحال تجارية وصناعية تزيد المنظر تشويهاً، مع أن اللائمة تقع على المؤسّسات الرسمية أيضاً وعقم الروتين لديها الذي لا يسمح بهامش بسيط من المرونة للاستثمار في الأرض والعمل أيضاً، وما يقال هنا وهناك هو حبر على ورق يصطدم بالواقع المغاير تماماً، لذلك كله، فإن العجلة الرياضية سواء في الأندية وغيرها بحاجة ماسة جداً الى ثورة تغيير ومواكبة للغير وانفتاح في العمل بجميع الطرق والإمكانات وإن وجود شخصيات أكاديمية ورياضية مجرّبة من ضمن ملاكات الأندية الإدارية هو عنصر قوّة مضاف يمكنها من الاستمرار والعمل بأسرع وقت، لانتشال أنديتهم والرياضة عموماً من حالة الاحتضار التي تعيشها اليوم.
أنديــة تحتضــر!
[post-views]
نشر في: 14 فبراير, 2018: 09:01 م