اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بانتظار نجاح حملة نزع السلاح

بانتظار نجاح حملة نزع السلاح

نشر في: 13 فبراير, 2018: 09:01 م

لا أحد من مواطني المدينة بات يثق أو يصدق، بالحملات التي تقوم بها السلطات الأمنية، المحلية والفدرالية منها، ضد مرتكبي الجرائم والمطلوبين قانونياً، مثلما لا يعتقد أحد بنجاح أيّ خطة، لسحب السلاح من البيوت، فقد عدّها مواطنو مدينة البصرة نوعاً من محاولة يائسة، لذر الرماد في العيون، وللتأكيد على ذلك علم الـ 1300 من المجرمين بموعد مداهمة البيوت ومقرات الاحزاب قبل بدء الحملة، ففروا لإيران-ملاذهم الآمن- بمجرد سماعهم تصريحات بعض أعضاء الحكومة عبر وسائل الاعلام.
المحترقون بنار نزاعات العشائر، من مواطني المدينة، الذين يبحثون عن خشبة صغيرة في بحر الأزمات فرحون، ويأملون، في كل مرة، بأن تصدق اجراءات الحكومة، في وضع نهاية لمأساتهم على أيدي هؤلاء، لكنَّ العارفين ببواطن الأمور يائسون، حتى لو دخلت الفرقة الذهبية بكامل عدتها البصرة، ذلك لأنَّ قضية السلاح في مدن الجنوب أصبحت سياسية وأمنية عند الأحزاب والعشائر، ولن يصدّق عاقل أن يتخلى حزب ما عن ترسانته، مثلما لن يصدق أحد، أي أحد، أن تتخلى العشائر عن أسلحتها، فالحرب قائمة ما تزال، طالما القانون معطل، والنزاعات قائمة، وأظنني، أنا المسالم سألاقي رفضاً قاطعا من أبنائي في التخلي عن بندقية الكلاشنكوف التي بحوزتنا، مع أنها بلا عتاد منذ عشر سنوات.
ولا يعتقد أحدٌ بأن نزع السلاح من الأحزاب والعشائر على الصعوبة والاستحالة هذه، مثلما لا يعتقد أحد بأن إزالة التجاوزات مستحيلة، وغير ممكنة، فالقضية بحاجة الى حزم ونوايا صادقة، لا أكثر، لكنْنا سنصل الى اليقين التام باستحالة ذلك، إذا علمنا بان الأحزاب الدينية التي قادت الحشد وشيوخ العشائر، الذين وقفوا الى جانب الحشد ورجالاً آخرين، نجد صعوبة بالغة في تسميتهم، ممن ساندوا الحشد وتصدوا لداعش هم من يمتلكون السلاح، وهم المتجاوزون على الاراضي العائدة للدولة، وفي تقصٍّ آخر للمشهد سنجد أن الدولة بكامل عدتها ستخضع لإرادة هؤلاء، لسبب بسيط أنهم يشهرون بطولاتهم ومواقفهم ضد داعش بوجه كل من يحاول سلبهم حقهم في حيازة السلاح والتجاوز على الاراضي، فالسلاح منعة والتجاوز حق !!
التداخل بين حاجة الوطن لمقاتلين مدافعين عنه وبين حاجة الوطن للبناء والتطور الذي أحدثته الحرب مع داعش بحاجة الى معجزة جبرائيلية(نسبة الى جبرائيل الوحي) لحلها، فالمواقف في العراق ما عادت خالصة للوطن أو لوجه الله، فالرجال يطالبون بحقهم في الغنيمة التي تمخضت عن دحر داعش، ففكرة الغنيمة متأصلة في الذات الدينية، العشائرية وإلا ما معنى التضحية؟ ما معنى الغزوات؟ في بلاد صار الكل فيها مجاهدين، مضحين، وما معنى أن يأخذ الذي مكث في رفحاء ستة أشهر أموالاً ويحظى بوجاهة لا يحلم فيها إلا ذوو حظ عظيم ؟
لم تعد المواطنة شرطاً في الانتماء للعراق، وما عاد حب الوطن والتغني بامجاده التاريخية، قضية مشرفة عند الحكومة، ولا يشكل الحلم بوطن جميل، باهر، مزدهر هاجساً عند أحزاب السلطات الحاكمة، وما عاد العراق حلماً في أعين هؤلاء، هناك نوع آخر من الولاء، تأسس خارج المقاسات التقليدية كلها، وهناك انتفاع وتبادل أدوار واتكآت ومصالح وأموال وتنفيذ اجندات تتم ليس للوطن وقيم المواطنة رصيد فيها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أم رشا

    أهل البصرة ادرى بشعابها..كلام رائع نابع من الحقيقة التي يأبى أن يعترف بها رجال السلطة الحاكمة فهم لا يبالون بالانحدار والسقوط الذي اوصلوا أنفسهم إليه والضحية هو الشعب المسكين الذي لا حول له ولا قوة وشكرا لك استاذ.

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram