ضرب أبناء الأندية الرياضية السابقين أروع صور الوفاء والولاء لأنديتهم التي أولتهم الرعاية الكاملة منذ بزوغ مواهبهم في فئات الأشبال والناشئين حتى بلوغهم سن الاعتزال، احتراماً لمكانتها في نفوسهم ودور المدربين والإداريين الكبار في احتضانهم ودعمهم ليحتلوا مساحات كبيرة في قلوب الجماهير.
ولو استعرضنا نجوماً مثل هادي أحمد (الميناء) وجمال علي (الطلبة) وفيصل عزيز (الشرطة) وكريم صدام (الزوراء) وأكرم عمانؤيل (القوة الجوية) كنماذج أصيلة من سلالة الوفاء للنادي لا الحَصر، سنجد أن تربيتهم البيتية وأخلاقهم الحميدة بين أوساط الناس سبقت شهرتهم في المستطيل الأخضر، هؤلاء وغيرهم، جُبلوا على العطاء لأنديتهم والخوف عليها من أية أزمة تهدّد كياناتها كأنها بيوتهم المملوكة آباءً عن أجداد.
ترى ماذا تغيّر اليوم من مفهوم الولاء للنادي، لمصلحة من يتخاصم البعض ويتوعّد بإسقاط منافس له ولا يتورّع من اختلاق الاكاذيب أو تشكيل تكتل مناوئ في مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تشويه سمعة الآخر لا لشيء سوى إبعاده عن النادي، أو الأصح بيته الذي يعني له كل شيء؟!
أندية الميناء والشرطة والطلبة وربما أندية أخرى تواجه معضلة عقوق الآباء تجاه كل ما يتّصِل باستقرار النادي وتهيئة مستلزمات تطويره وفرض علاقات راسخة بين الأبناء تقوّي وشائج المحبة وتضعِف وتائر التعصّب والبُغض ولا تنكّأ الجِراح إذا ما تعرّض إلى هزيمة في منافسات الدوري أو أخلَّ مدرّب بعقده أو مارست إحدى هيئات المراقبة الحكومية دورها في كشف ملفّات فساد أو تدخّل الوزارة الراعية للنادي في حلحلة مشكلة قانونية بهدف الإصلاح أو فرض الهيئة العامة هيبتها لممارسة سلطتها التشريعية لانتخاب مجلس إدارة تثق في رجالها لإنقاذ النادي من فكّي العوز والتحارُبْ.
أنديتنا بيوتنا.. شعار لابد من رفعه فوق قمم سطوح الأندية ليكون لافتاً في معانيه التربوية ونابضاً في قلوب الأبناء والآباء، وهم يتطلّعون له صباحَ مساء، عرفاناً بقيمته الروحية في تغيير مجرى حياتهم بعدما أصبحوا شخصيات عامة في المجتمع يؤثرون إيجابياً في الشباب، ويغمرون السعادة فيهم كلما تفوّقوا في تحدّيات الألعاب الكبرى مثل كرة القدم والسلة واليد ويحرصون على نشر مبادئ التسامح والسلام وتفادي حالات الاعتداء والاعتراض الخشن وإساءة الأدب أمام شاشات الكاميرات التي تنقل سلوكياتهم مباشرة الى ملايين المشاهدين وتحفظ في الأرشفة كدروس لعشرات السنين.
والدور التوعوي مناطٌ بآباء الأندية (لاعبيها السابقين خاصة) ممن تقدّموا في السن وصاروا قادتها في إدارة مصائرها أمام المؤسسات الرياضية والدوائر الحكومية وهيئات النزاهة ورقابة الأموال، يجب أن يتفهّموا أن المصالح الضيّقة زائِلة، وعليهم أن يرجعوا الى مؤلّفات زملاء المهنة ممن تصدّوا لتوثيق مراحل مفصلية من ماضي أنديتنا العريقة في كتيّبات قيّمة، وكيف كانت تُدار بالفطرة والعفوية وحُسن النية من رؤسائها الذين يتخلّون عن مقاعد مسؤوليتها في أيّ وقت تستدعي ظروفها اعتماد رئيس جديد أو عضو إدارة نافع بعلميته وخبرته.
إذا ما مارست الأندية جميعاً العملية الانتخابية المقبلة، وفق القانون الجديد وأخذَ المرشّحون نصيبهم من ثقة الهيئة العامة عليهم أن يدركوا حجم المخاطر الناجمة عن تصرّفاتهم فيما بينهم ومع أعضاء العمومية أيضاً وما يعكسه الانقسام من مساوئ على سمعة النادي وأنصاره، الذين تلوّنتْ أفعالهم واستغلّوا الفِتن لتحقيق المآرب الغريبة عن بيئة الرياضة!
عقوق آباء الأندية!
[post-views]
نشر في: 13 فبراير, 2018: 04:20 م