الروائي محمد حيّاوي
على الرغم من ضيق الوقت الموزع بين العمل في مجال التصميم والالتزامات الأخرى في العمل على صعيد المجلات الثقافية، أحاول قدر الإمكان تخصيص وقت مناسب للكتابة، وقد اعتدت على مدى سنوات طويلة ممارسة الكتابة اليوميّة بمقدار معين كدُربةٍ وتقليد درجت عليه للمحافظة على لياقتي الكتابية إن جاز التعبير، ومن أهم المشاريع التي انشغل بها حاليًا عملي الروائي الجديد الذي آمل إنجازه كاملاً نهاية الصيف المقبل، وهو مشروع متمم لما بدأته في روايتيّ "خان الشّابندر" و"بيت السودان" الهادف لتدوين المتغيرات الدراماتيكية الكبرى التي حصلت في العراق على الصعيد السياسي والاجتماعي، وسيكون بمثابة الحلقة الثالثة والأخيرة لهذا التدوين السردي المتجرد من أيّة أهواء أو تأثيرات معتقداتية، لأنّني ما زلت أعتقد بأن الأدب هو الوحيد القادر على قول الحقيقة وتقديمها بطريقة وجدانية من شأنها أن تبقى راسخة في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، وهو أكثر صمودًا أمام الزمان وأكثر مصداقية من التدوين التاريخي الذي غالبًا ما يكون منحازًا أو غير منصف في أحسن الأحوال، فقد كتبت مرّة مقالة عنوانها الأدب في الوجدان التاريخ في والمتاحف، أوضحت فيها قناعتي الشخصية بعدم جدوى التاريخ ومدوّناته الإشكالية المحبطة التي كانت على مر العصور مجلبة للصراعات الجوفاء وعائقًا أمام تطور الشعوب وتحقيق أحلامها، فالأدب هو الوحيد القادر على تحفيز الناس للتخيّل والخلق وإجادة صنع الأحلام المجنحة، وانطلاقًا من هذه الرؤية، أجدني مهتماً بقضية التدوين السردي للأحداث والوقائع الدامية التي جرت وتجري لمجتمعنا المُعذب والمنهار نتيجة لانتشار ظاهرة التديّن الفولكلوري البعيد عن قضية الإيمان، ذلك النوع من التديّن الذي يرافقه بالضرورة تراجعًا مهولاً بالأخلاق، وهي مهمة مضنية ومعقدة وصعبة للغاية، إذا ما أدركنا بأن مهمة الأدب الأساسية ليست توصيل الرسائل السياسية أو توجيه القارئ وفق رؤى أو قناعات معينة، لكن من جانب آخر يمكن أن يكون الأدب محرضًا على الخيال وإعادة تصوير الواقع والاستفادة من التناقضات والفداحات الحاصلة اليوم في مجتمعنا، من أجل فتح نافذة حقيقية للقارئ كي يتأمّل الواقع الحقيقي الذي يعيش داخله، لأنّنا ندرك بأن من في الصورة لا يمكنه رؤية تفصيلاتها كلّها، وهذا ما يجب أن يقدمه له الأدب الحقيقي والخلاق.
عدا هذا انشغل أيضاَ في مراجعة روايتي الخامسة "سيرة الفراشة" التي كتبتها العام الماضي والتنسيق مع الناشر على إطلاقها في معرض بيروت المقبل، كما أراجع تصميم النسخة الفرنسية لروايتي "خان الشّابندر" التي ستصدر بعد أيّام عن دار لامارتان L’Harmattan الفرنسية.
مشغول بـ .....

نشر في: 12 فبراير, 2018: 12:01 ص