اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الطبخ على نار "النزاهة"

الطبخ على نار "النزاهة"

نشر في: 10 فبراير, 2018: 05:17 م

منذ أيام يتداول العراقيون بسخرية عبارة " الطبخ على نار هادئة ". شاع عند أهل اللغة أن كلمة طبخ حين توضع قبل كلمة تعطي معنىً آخر مثل طَبَخَ اللَّحْمَ: أَنْضَجَهُ..طَبَخَ الأَخْبَارَ: حَضَّرَهَا.. طبخته الحُمَّى: اشتدّت عليه..طبخ مؤامرةً: دَبَّرها، ومن الممكن أن أعرض معاني حول الطبخ وفواصله في أكثر من مقالة.. لكني عاجز عن فهم كيف أنّ عبارة مثل " طُبخ على نار هادئة " يمكن أن تودي بمواطن الى السجن ست سنوات. نعود لأصل الحكاية،فالناشط المدني باسم خزعل خشان كان قد كتب على صفحته في الفيسبوك العبارة الآتية:" أن هيئة النزاهة ربما تطبخ على نار هادئة " وكانت هذه الجملة القصيرة تتعلق بسرير اشترته دائرة صحة المثنى بـ65 مليون دينار وملحقاته بـ99 مليون دينار.
محكمة جنايات المثنى التي برّأت المجاهد فلاح السوداني من تهمة نهب أموال الشعب، وتوزيع مواد غذائية غير صالحه للاستخدام البشري، أرادت أن ترضي ضميرها، فبعثت بهذه العبارة التاريخية " طبخت على نار هادئة " إلى خبير لغوي وهو أستاذ جامعي الذي اكتشف " مشكوراً " أن مثلّ هذه العبارات تشكل إساءة لهيئة النزاهة.
تتذكرون البيان الثوري الذي أصدرته هيئة النزاهة حين قررت منع محافظ البصرة ماجد النصراوي من السفر لحين انتهاء التحقيقات، بعد ساعات من أناشيد حول الفساد والإصلاح، أخرج لنا النصراوي لسانه ساخراً، وهو يكشف عن سرّ لطيف:" لقد اضطررتُ إلى مغادرة العراق للعيش مطمئناً في بلادي أستراليا"!
وقبل أن تسأل عزيزي القارئ ماذا يحدث في هذه البلاد العجيبة، أطمئنك أن شعارات النزاهة هي مجرد " تزويق " لمرجلة فاسدة برمتها، ما كان لها أن تتأسس، لولا أفضال " الطبخ على نار النزاهة " عليها، أو قُل إننا منذ عام 2005 نعيش مرحلة ردّ الاعتبار للفساد والتسلّط والانتهازية، فهل كان غيرالفساد سلاحاً ماضياً وحليفاً ستراتيجيّاً للضحك على هذا الشعب؟ الجميع رفع شعار "الفساد للفساد"، فساد بدأ بإغراق المجتمع في شعارات طائفية مقيتة،، ومافيات سرقت كل ثروات البلاد. واستمر الفساد ينمو وينتشر ويتوغل، حتى وصل إلى مفاصل وأعصاب العراق بأكمله.
بعد قرار المحكمة وعبارتها الشهيرة " طبخت على نار هادئة " أيقنت أن العراقيين نساءً ورجالاً يستحقّون الجنّة، لسبب أساسي، لأنهم يتعرضون للكذب والنفاق والخديعة كلّ يوم وعلى مدى سنوات طويلة، ولم ينقرضوا، ولم يصبهم الجنون أو الاكتئاب!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

 علي حسين يملأ بعض السياسيين حياتنا بالبيانات المضحكة ، وفي سذاجة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات ” صاغراً” لانتخاب...
علي حسين

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

رشيد الخيون عندما تُعلن الأنظمة، تحت هيمنة القوى الدّينيّة المسيسة، تطبيق الشّريعة، تكون أول ضحاياها النّساء، من سن زواجهنَّ وطلاقهنَّ، نشوزهنَّ، حضانة أولادهنَّ، الاستمتاع بهنَّ، ناهيك عما يقع عليهنَّ مِن جرائم الشّرف، وأنظمة لا...
رشيد الخيون

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

رستم محمود أثناء مشاركته في الاجتماع الموسع للأحزاب والقوى السياسية العراقية في العاصمة بغداد، ضمن زيارته الأخيرة، والتي أتت بعد ست سنوات من "القطيعة السياسية مع العاصمة"، رفض زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني والرئيس الأسبق...
رستم محمود

كلاكيت: للوثائقيات العراقية موضوعات كثر

 علاء المفرجي أثار موضوع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، من جدل اجتماعي أحتل ومازال مواقع التواصل الاجتماعي، أُعيد ما كتب في هذا الحيز عن فيلم (خاتم نحاس) إخراج فريد الركابي والذي انتجته...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram