اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الباب الموارب، عدو النجاح

الباب الموارب، عدو النجاح

نشر في: 10 فبراير, 2018: 09:01 م

حدثني أحد الأصدقاء عن شخص آخر قائلاً (لديه موهبة كبيرة لكنه لم يحقق أي نجاح مع الأسف، وهذا غريب جداً). وصديقي هذا لا يعرف مع الأسف أيضاً، إن الموهبة شيء، والنجاح شيء آخر. والشخص الناجح يمكن أن يكون موهوباً كبيراً، ويمكن ايضاً ان يكون محدود الموهبة، لأن النجاح لا يعتمد على الموهبة فقط، بل على تكوين الشخص وحضوره وذكاءه وفرديته العالية، وإن أردت أن أكون ناجحاً فَعَلَيَّ إن أعرف كيف أقدم نفسي بشكل جيد وأتفرغ للمشروع الذي بنيته في ذهني، ولا أحيد عنه، أن أعمل وأجتهد، واجدد التجربة والمحاولات المليئة بالصبر والثقة والسير بقدمين تتحسسان الإحتمالات والحلول قبل الطريق، للوصول الى الهدف الذي أريده.
بيكاسو كان يمتلك موهبة مذهلة، وكان ناجحاً بشكل مثير ولافت، وفي المقابل فأن فنسنت فان غوخ كان ذو موهبة عظيمة ايضاً، لكنه لم يحقق أي نجاح في حياته، حتى أن صديقه الرسام غوغان حين زاره في بيته، قام فنسنت بتحضير الطعام له، وبعد أن تذوقه غوغان، صاح قائلاً بسخرية تدمي القلوب (كنت أظنك لا تجيد الرسم، لكني تأكدت الآن من أنك لا تستطيع الطبخ ايضاً). وهناك أندي وارهول، والذي يعرف كل أصدقاءه بـأنه لا يمتلك شيئاً من الموهبة المتعارف عليها في الرسم، لكنهم كانوا يستغربون حين يرون الناس وهم يحضرون بالآلاف لمعارضه، حتى اكتشفوا بأن هولاء الزائرين كانوا يحضرون لمشاهدة وارهول نفسه، وليس أعماله الطباعية التي يعرفونها عن ظهر قلب، وهذا كله بسبب كونه شهيراً وناجحاً، وكان يبدو كأحد نجوم الغناء بشعره الاصفر المستعار ونظارته الغريبة وملابسه غير المألوفة.
مافائدة الموهبة اذا لم تستثمر بشكل جيد وصحيح؟ هي تشبه الإلهام الذي يبدو شيئاً غامضاً وغير واضح المعالم، وربما غير موجود أصلاً. لأن الفن التشكيلي يتعامل مع المواد الخام والمتريال، والمهارة هنا تـأتي بالمرتبة الاولى، ووجودها شيء أساس في نجاح التجربة، أي بدونها لا وجود للعمل الفني، وهنا لا أقصد المهارة الكلاسيكية، بل هي كيفية التعامل بشكل مناسب مع أدوات الرسم أو النحت والسيراميك وغيرها، كيف تُعالج السطوح التصويرية بطريقة مؤثرة وتحمل الكثير من الحساسية، كيف نختار التكوين الملائم للعمل الفني، وهذا لا يأتي إلّا بالعمل.
كان بيكاسو يرسم لوحات كبيرة وهو واقف لساعات طويلة رغم تجاوزه التسعين من العمر، وحين سألته زوجته ذات مرة عن هذه الطاقة الغريبة، قال لها (انا ارسم بروحي وليس بجسدي، لهذا لا أشعر بالتعب، فأنا عند الرسم أخلع جسدي وأتركه عند باب المرسم كما يترك المسلمون احذيتهم أمام باب المسجد).
اذن عليك ان تركل الكثير من حجارة الطريق لتصل الى مبتغاك، وَعَدوِّكَ الكبير هو أن تجعل الباب موارباً، فهذا هو عدو النجاح الأول، فأما أن تفتح الباب بشكل جيد، أو تغلقه وتبحث عن باب جديد، يساعدك في ايجاد الحلول التي تناسب موهبتك، حتى وإن كانت صغيرة. فالموهبة الصغيرة مع التفاني في العمل، هي أفضل من موهبة كبيرة نائمة.
تبقى الموهبة في النهاية، مثل قطعة نقود، علينا أن نستثمرها بشكل جيد، فأحدهم يمكن أن ينفقها على قارعة الطريق بشكل عابر وغير مفيد، بينما شخص آخر يشتري بها جريدة المدى ليتمتع بقراءة ... هذا العمود!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram