لاتحتمل السينما المصرية اليوم ، تقليد المخرجات السينمائية الاميركية أو الاوروبية ، لتعدد الانتاج المكشوف بتقليد المضمون واحتوائه جملة مثالب وتشوهات تطيح بديمومة الفيلم السينمائي ، إلا أن طلق صناعي استعاد ماتم نسيانه وأحيا أحداثاً ذكرت من عاصرها وعرفت من جهلها .
فلم ( طلق صناعي ) بطولة ماجد الكدواني بدور حسين تشاطره حورية فرغلي بدور زوجته الحامل هبة ، ومن تأليف محمد وخالد وشيرين دياب وإخراج خالد دياب ،طرق باب وحيد حامد واستعان بأصل الفكرة وهي السيطرة على مكان كما في أحداث الارهاب والكباب والاستحواذ على مبنى ورهائن ، يتنقلون من حال الصدمة الى الهلع مروراً بالانصات الى الخاطف وانتهاء بالتعاطف ، فكرة الفيلم باختصار دون حرق أحداثه بنيت على مفهوم الانتماء والجدلية القائمة ، البقاء أو الرحيل ، ولكنها أطرت بشكل جديد ، وتجملت بمسحة من الكوميديا السوداء حيث تسلط الضوء على زوجين يبتغيان نيل تأشيرة السفر إلى الولايات المتحدة الاميركية ، حيث يفشلان في الحصول عليها بعد رفضهما ، لتبدأ المحنة بعد أن أجبرها على بلع حبة تسرع عملية الطلق مايعني الدخول في مرحلة إحراج السلطات الاميركية ، وهي الولادة على أرض أميركية، ويحصل ابنه على الجنسية.
لتفشل المهمة ويضطر حينها الى الاستيلاء على سلاح لاأحد حراس السفارة ، ومن هنا تبدأ العقدة الاولى بعد تصاعد ايقاع التشويق بمرافقة موسيقية تصويرية لها فعلها المؤثر من تأليف ( تامر كروان ) ، وتبدا المرحلة الأكثر تعقيداً والتي واجهت الاثنين معاً السيناريست والمؤلف من جهة والمخرج من الجهة المقابلة ، حيث يبحث الخاطف ماجد الكدواني عن طبيب لتوليد زوجته بأسرع وقت من أجل الحصول على الجنسية حسب مايعتقد ، لكنه يجد أبوابا ًمقفلة لاتفتح وأولها التوهم بطبيب مدعي وهو في الأصل فاشل في كلية الطب ، وهمه ينصب على نيل التأشيرة بصفة مستعارة للهروب من واقعه ، وليزداد الامر سوءاً بعد أن تحاصر القوات الامنية المصرية والاميركية مقر السفارة ، حيث تبدأ أولى لحظات الخطاب والصراع ، وهنا مقصد الرؤيا وغاية المؤلف في اظهار إهتمام السفير الاميركي بحياة الرهائن وعدم تعصيب الخاطف كي لايفقد أعصابه وينال من الرهائن وهنا اجاد دور السفير الممثل التونسي ( نجيب بلحسن ) ، ليقابله الضابط المصري مدير أمن القاهرة غير المكترث بحياة الخاطف أو الرهائن وقد أجاد دوره الفوضوي الممثل القدير ( سيد رجب ) والذي يخاطب الخاطف بلغة متعصبة وتدل على أنها نابعة من أحداث عاشتها مصر في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي ، ولتسير الأحداث نحو المجهول تضييق المسار على المشاهد ، لتبدأ مرحلة التخمين والمشاورة ، هل يَقتل أم يُقتل ، هل تلد الأم الحامل أم تموت ، لتظهر بعدها تمهيدات لفيلم الزعيم عادل أمام الارهاب والكباب ، بعد أن يقوم الخاطف حسين بتوزيع المعجنات على الرهائن ليقول له أحدهم ( مش كنت تقولهم كباب وله ده يبقى تقليد ) ، في رسالة الى المشاهد بأنك لو كنت فطناً فأن الفكرة لن تقتصر عليك بل إن المؤلف عرف بها ، وفي لقطة أخرى وحين تطول المفاوضات بين الخاطف والأمن المصري وتنتهي بالفشل ، فأن مساعد مدير الأمن يهمس له ( يا باشا نلحق نصلي صلاة العصر ) ليتشابه الامر مع فيلم الارهاب والكباب عندما كان كمال الشناوي يصلي في الجامع المقابل للمبنى الذي تم اختطافه .
وان كنا بصدد التقييم ولسنا حرق أحداث الفلم ، فأن حبكة الاخراج بقيت الى حد كبير مشوقة مع جزئيات من المثالب الواضحة ، ومنها مؤازرة الشارع للخاطف وهو شرعنة الخطأ وتبرير الاقدام على الخطف ، كما اتبع المؤلفون الثلاثة ريادة هوليوود في دس الكوميديا الساخرة بين ثنايا المشاهد إلا في المشاهد الاخيرة والتي يرتفع فيها ايقاع المشاهد المؤثرة بعد رتابة الحوار التي سادت في منتصف الفيلم .
( طلق صناعي ) وإن اتهم من البعض بازدراء الاديان ، وهذا الأمر بدا بعيداً عن الواقع ، إلا أنه اقترب من تابوهات مجتمعية مغلفة ومغلقة على ذاتها ومنها المثلية الجنسية والاستعانة بدين آخر للحصول على التأشيرة المستحيلة ، ولاننسى الاستعانة بديكور واحد لم يكلف المخرج عناء البحث عن المشاهد المتعددة والتي تجعل المتلقي منتشياً ، حيث كانت مخاطرة رابحة بلا شك ، لتنسف تجربة ( طلق صناعي ) نظرية أن مطرب الحي لايطرب ، بل إنه أطرب على أنغام تسعينية كتب فصولها وحيد حامد وقدمها صورة متكاملة شريف عرفة في الإرهاب والكباب ، بفارق كبير هو تسيد الزعيم وانصهار الكدواني بين المشاهد.
طلق صناعي وكلام في المباح الممنوع..تقليد الإرهاب والكباب.. المقصود والصدفة

نشر في: 8 فبراير, 2018: 12:01 ص