(الفاتحة على روح الزراعة العراقية)..عبارة حملتها لافتة في تظاهرة لمزارعين عراقيين طالبوا الحكومة قبل سنوات بالاهتمام بهم وبالزراعة العراقية التي بدأت تنحدر وقد تنقرض إذا تواصل إهمالها... ربما وجدت لها صدى في القنوات الفضائية التي التقطت الحدث ونقلته لتحصل على مادة دسمة، لكنها لم تسهم في تغيير حال الزراعة العراقية أو استمرار انحدارها، فما زالت الفواكه والخضر المستوردة تملأ الأسواق العراقية بعد أن تعدّدت أسباب إهمال الزراعة العراقية مابين سوء توزيع المياه أو شحّتها أصلاً، وتعرض مساحات زراعية واسعة في عموم البلد الى التجريف أو الاستيلاء عليها من قبل متنفذين في الدولة وتحويلها الى أراضٍ سكنية، والحال ذاته ينطبق على النخيل الذي كان العراق يفخر بغزارة إنتاج التمر منه وجودته لدرجة تسويقه الى الخارج بكميات كبيرة ، لكن أسواقنا اليوم تمتلئ بالتمور المستوردة ومعها أنواع مختلفة من الفواكه والخضر الشبيهة بـ(الأسفنج) أو (الخشب) كما يصفها بعض كبار السن، فهي لاتحمل طعم المحصول العراقي المُميّز ..يرى بعض المتخصصين في المجال الاقتصادي، أن مايحدث ليس من باب المصادفة أو الاضطرار، بل هو خطة مدروسة يتم تطبيقها بدقة للعمل على إفشال القطاعين الزراعي والصناعي في البلد، ثم فتح الأبواب على مصراعيها لدول الجوار لتستخدم العراق كسوق مضمونة لتسويق محاصيلها الزراعية ومنتجاتها الصناعية، وهو مايحصل فعلاً، وتستفيد منه أحزاب ومسؤولون كبار لهم علاقات تجارية ومصالح مشتركة مع تلك الدول، فمايهم بالتالي، مايعانيه المزارع العراقي الذي اضطر غالباً الى هجرة أرضه بسبب كل المعوقات التي اعترضت طريقه والإهمال المتعمد من الدولة ومايعانيه المستهلك وهو يضطر الى شراء محاصيل ومنتجات لايعرف مدى صلاحيتها للاستهلاك البشري، خاصة بعد أن كشفت أكثر من صفقة فساد وجود بضائع ومواد غذائية تدخل الى البلد دون فحص ورقابة وتتسبب بالإصابة بالعديد من الأمراض ..مع اقتراب الانتخابات، يتبارى المرشّحون لرفع شعاراتهم المستهلكة حول محاربة الفساد والنهوض بالواقع الخدمي في العراق مع وعود ملونة وزاهية عن مستقبل زاهر للمواطن العراقي، بينما ندرك جيداً، أن لاشيء تحقق أو سيتحقق من تلك الوعود، فلن تجد الزراعة أو الصناعة من يعيد إليهما الحياة، ولن تُفتح أبواب المعامل والمصانع العراقية المغلقة منذ سنوات لتنتج بضائعَ عراقية، وسننسى بالتدريج، كيف كنّا ننتج الزيوت والمعلبات والمنظفات والمنسوجات الصوفية والقطنية والسجاد، وغير ذلك، فهنالك من يتطوع لإرسالها لنا لينتعش اقتصاده الوطني ويتراجع اقتصادنا وينهار دينارنا العراقي ويواصل أولادنا رحلة البطالة والهجرة واليأس من التغيير، ويقع بعضهم ضحايا في هوّة الجريمة والإدمان، وهنالك من يصدّر لهم (المخدرات) أيضاً كما يصدّر لهم منتجاته الأخرى، لأن العراق الآن سوق مفتوحة للجميع، وقد يكون المحصول الزراعي الوحيد الذي لم يتم استيراده حتى الآن هو (الخضرة) أي (الكرفس والريحان والمعدنوس والرشاد و.....) ليس لأنها متوفرة ومدعومة، ولكن لأنها ستصل ذابلة حتماً فيما لو تم استيرادها!!
سوقٌ مفتوحة
[post-views]
نشر في: 5 فبراير, 2018: 09:01 م