TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أغرب من قصص ألف ليلة وليلة!

أغرب من قصص ألف ليلة وليلة!

نشر في: 4 فبراير, 2018: 04:37 م

adnan.h@almadapaper.net

 

يموت في العام 2012 ويظهر في شوارع مدينته في 2018، بل يمشي على قدميه الى دائرة الأحوال المدنية التي يوجد فيها سجلّه العائلي ويقدّم نفسه الى مديرها وموظفيها بوصفه "عائد" إلى الحياة، فلا يتفاجأون!
أين يُمكن أن تحصل قصة من هذا النوع؟
العراق مرشّح أكثر من غيره لأنه بلد العجائب والغرائب .. ما مِن شيء عجيب أو غريب لا يمكن تصوّر وجوده في هذا البلد، كما لو كنّا جميعاً نعيش فصلاً من فصول ألف ليلة وليلة. خذوا مثلاً: مصفى النفط في بيجي، وهو منشأة جبّارة، يتعرّض إلى تفكيك منشآته ونقل معدّاته الضخمة إلى جهات "مجهولة"، مثلما جرى في وقت "الفرهود" بعد 9 نيسان 2003 !.
وإليكم الأدهى والأمرّ: 300 – 400 مليار دولار تختفي من خزينة الدولة على مدى عشر سنوات كما لو أنها مجرد 300 – 400 دولار فقط لا غير!
العراقي الذي "مات" في 2012 ، وهو موظف حكومي، حكى قصته عبر مواقع التواصل الاجتماعي: كان في مراجعة الى دائرة الأحوال المدنية فقيل له إنه مسجّل ميّتاً وليس في وسعهم تمشية أي معاملة ما لم يحلّ مشكلة "موته". لكنّ الحلّ في أيدي موظفي هذه الدائرة، فهم الذين أماتوه في سجّلاتهم من دون مسوّغ أو وثيقة رسمية تثبت الوفاة، والمفترض أن يعالجوا خطأهم بأنفسهم لا أن يجعلوه يدفع ثمن هذا الخطأ من وقته ومن راحته.
في بلاد أخرى، القانون يُعطي هذا الرجل الحقّ في إقامة دعوى قضائية كبرى على دائرة الأحوال المدنية، وفي طلب تعويضه عن الأضرار المادية والنفسية التي لحقت به، وهل ثمة ضرر أكبر من إماتة شخص وهو على قيد الحياة؟.. هذا العراقي كان سيحصل في البلاد الأخرى على تعويض بملايين الدولارات فضلاً عن الاعتذار الرسمي.
لكننا في العراق "العظيم" الذي من عجائبه وغرائبه الكثيرة أن الكثير من مواطنيه غالباً ما يواجهون محنة بسبب تشابه أسمائهم مع أسماء أشخاص آخرين مطلوبين للقضاء أو للأجهزة الأمنية.
لا أحد يسمّي نفسه بنفسه، ولا أحد يختار بنفسه إسم والده وجده ولقبه .. لكن في العراق "العظيم" يتحمّل المواطن العراقي كامل المسؤولية عن تشابه إسمه الكامل مع إسم شخص آخر، والحقيقة أنه يتحمّل مسؤولية فشل الدولة في إيجاد نظام يستطيع التمييز بين الاسماء المتشابهة، فمهما تشابهت الأسماء لابدّ أن يكون هناك اختلاف في إسم الأم أو الجد لجهة الأم وفي تاريخ الميلاد ومكان الميلاد.
أصبحت هذه القضية باباً من أبواب الفساد الإداري والمالي، فثمة عراقيون يُوقفون في المطارات أو عند نقاط التفتيش بين المحافظات لتشابه أسمائهم مع أسماء مطلوبين، ولا يستطيع هؤلاء الخلاص من محنتهم إلا بدفع "المقسوم".. والمقسوم هو بمئات الآلاف من الدنانير أو بمئات من الدولارات.
وزارة الداخلية التي ما انفكّ وزيرها يعلن عن خوضه حرباً ضد الفاسدين في وزارته، مطالبة بإيجاد حلّ جذري لهذه القضية، لرفع ظلم وحيف يلحقان بمواطنين عراقيين من دون وجه حقّ، ولإغلاق باب واسعة للفساد أيضاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين ولا في المنام مفيش كدة يموتون الأحياء ويحيون الموتى والعياذ بالله ولا تتعجبون هناك الآلاف من الموتى حرامية حكومة يستلمون رواتبهم على أساس انهم احياء هم من حكوها عبر اْبواق الأعلام الماجورة لهم بكل صلافة الآلاف الموتى يستلم كثير من قوارض

  2. محمد سعيد

    هل تمارسون الرقابه علي التعليقات نشرت امس الاول تعليق حملت فيه مسووليه اعتبار الحي ميتا في دوله تتدعي انها جمهوريه ولديه سفارات تمثيل في الخارج وهي غير قادره في في تنظيم نفوس سكانها من الاحياء والاموات زانها حقا مهزله و بدعه جديده في عراق جديد

  3. خديجه طاهر

    كل ما ذكرته في مقالتك ياأخي العزيز صحيح فان العراق اصبح بلاد لكل ما هو عجيب وغريب، نعم احياء يسجلون امواتاً بسبب الاهمال وعدم كفاءه الموظفين وأموات يسجلون احياءً بسبب الفساد والكسب الحرام. وهذه تلخص مشكله العراق الأساسيه والعامه على كافه المستويات البرلم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram