TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نازيّة تركية في عفرين

نازيّة تركية في عفرين

نشر في: 3 فبراير, 2018: 04:59 م

adnan.h@almadapaper.net

 

ما كان متوقعاً أن تتصرّف القوات التركية التي غزت مدينة عفرين الكردية السورية تصرّفاً آخر غير القتل والتدمير والتمثيل بجثث الضحايا، فتركيا تقودها الآن حكومة طورانية يريد الواقف على رأسها، الرئيس رجب طيب اردوغان، استعادة"أمجاد"أسلافه أبطال مجازر الأرمن وسواهم.
بعد ستة عقود من سياسة شوفينية مارستها الحكومات التركية المتعاقبة بعد انهيار الدولة العثمانية، وجد توركوت أوزال الذي تولّى رئاسة الحكومة (1983- 1989)، ثم رئاسة الجمهورية (1989- 1993) عن حزب"الوطن الأم"، أن سياسات أسلافه لم تجلب الخير والاستقرار لبلاده فدشّن مرحلة للانفتاح على سائر القوميات، وبخاصة الكرد الذين كانوا المشكلة الكبرى لتركيا بسبب التنكر لحقوقهم وانتهاج سياسات قمعية سافرة في حقهم حرمت عليهم حتى الغناء بلغتهم.
أوزال وضع أساساً راح خلفاؤه يبنون عليه وإنْ بوتيرة بطيئة. وكان حزب العدالة والتنمية أحد هؤلاء الخلفاء، وبخاصة في عهد رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية السابق عبد الله غل، بيد أن خليفة غل، أردوغان، الذي أعطى لنفسه في النهاية سلطات شبه مطلقة وراح يدير الحكم على طريقة السلاطين العثمانيين ويعيش حياتهم الباذخة، استدار بتركيا في اتّجاه مخالف.
لم يجد أوردوغان، منذ خمس سنوات، بأساً في فتح حدود تركيا أمام تنظيم داعش، فقد تحوّلت تركيا الى ممر ومستقر لعشرات الآلاف من عناصر هذا التنظيم الارهابي الذين كانوا يتصرفون كما لو أن تركيا الاردوغانية صارت المقر الرسمي لخلافتهم وقاعدتها الأساس.
أردوغان يعرف ما يريد.. انه يحلم باستعادة أيام السلطنة وبترسيمه سلطانياً عثمانياً، فكان أن تمدّد عسكرياً باتجاه العراق وسوريا، بل إنه يقوم الآن بعملية غزو منهجية لأراضٍ سورية، بذريعة مكافحة الارهاب الذي رعاه وقدّم له التسهيلات اللوجستية على مدى سنوات. وقد توجّه الآن لتصفية الحساب مع كرد سوريا الذين أقاموا سلطتهم الذاتية على أرضهم وداخل حدود بلادهم.
قوات أردوغان، كما قوات السلطنة العثمانية، لم تتورع عن البطش بالكرد السوريين، بمن فيهم السكان المدنيون، وقيام هذه القوات الغازية أخيراً بنشر شريط فيدو لعملية تمثيل بجثة إحدى المقاتلات الكرديات هي رسالة تخويف على الطريقة النازيّة وعلى طريقة داعش أيضاً، التظيم الذي ما كان له أن يكون بكامل السطوة التي ظهر بها في العراق وسوريا لولا موقف أردوغان المتواطئ معه.
داخل تركيا، فبرك أردوغان صيف العام 2016، قصة الانقلاب العسكري الفاشل لإزاحة كل المخالفين والمنافسين والمعترضين على سياساته عن طريقه، وها هو الآن يفبرك"مكافحة الارهاب"في الخارج كيما يمهّد لاجتياح الجيران وقضم أراضيهم تدريجياً.. على الطريقة النازيّة أيضاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين لا أستطيع ان افهم لماذا الشعوب العربية تسمح لنفسها ان يتسيد عليهم دجالون وغرباء ومنذ قرون وما زال الحال نفس الحال ما تغير لو دجالون معممين من بلاد الفرس يسيطرون عليهم بحجج هناك مرجعية وتقليد واضافوا اليها ولاية السفيه فيصبحوا لهم كالعبيد

  2. خديجه طاهر

    نعم يا اخي الفاضل اردوغان يتصرف كديكتاتور ليس فقط في بلده وإنما دخل دوله جاره تشاركه في الدين الاسلامي، فقط اريد منه ان يفهم ان الدين ليس قراءه القران والفاتحه فقط وإنما هي مكارم الأخلاق والمعامله الحسنة وان قتل الأطفال والنساء والعجائز والتمثيل با

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram