انطلق مؤتمر الحوار الوطني السوري في روسيا امس (الثلاثاء) في منتجع سوتشي الساحلي بمشاركة مئات السوريين الممثلين للأحزاب السياسية والمجتمع المدني، بغياب وفد المعارضة السورية التي رفضت حضور المؤتمر، بسبب استخدامه شعار يحمل العلم الوطني السوري و«غصن الزيتون».
وبدأ المؤتمر بعد تأخير حوالي ساعتين ونصف الساعة، بسبب رفض ممثلين عن فصائل معارضة المشاركة، احتجاجاً على شعار المؤتمر الذي يتضمن العلم السوري. ولم يكن الوفد حاضراً لدى افتتاح اللقاء.
ورفضت عشرات الفصائل المقاتلة المعارضة وهيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، الفريق المعارض الرئيسي، حضور المؤتمر.
واعلنت الادارة الذاتية الكردية عدم المشاركة في محادثات سوتشي، متهمة روسيا وتركيا بـ «الاتفاق» على الهجوم على عفرين. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال كلمة القاها في الجلسة الافتتاحية «إنه مؤتمر فريد من نوعه لأنه يجمع بين ممثلي أطياف اجتماعية وسياسية مختلفة للمجتمع السوري».
وأضاف «نحن بحاجة لأي حوار فعال فعلاً بين السوريين من أجل تحقيق تسوية سياسية شاملة تلعب فيها الأمم المتحدة دوراً قيادياً». وفي غضون ذلك، قاطع بعض المشاركين وزير الخارجية الروسي بالصياح أثناء إدلائه بكلمته، متهمين موسكو بقتل مدنيين في ضربات جوية في سوريا.
وحدثت المقاطعة أثناء بث وقائع المؤتمر على الهواء مباشرة في التلفزيون الروسي، حيث اقترب حارسا أمن من رجل في الحضور وأشارا له بالجلوس والتزام الصمت. وقال الشاهد إن مشاركين آخرين في المؤتمر وقفوا في الوقت ذاته، ورددوا صيحات معربين عن دعمهم لروسيا. وطلب لافروف من الوفود السماح له بإنهاء كلمته قائلاً إنهم «ستتاح لهم فرصة الكلام لاحقا».
وقال رئيس غرفة التجارة في دمشق غسان القلاع في الجلسة «لا أحد أحرص على سوريا أكثر من السوريين. أدعوكم لنكون صفاً واحداً للدفاع عن وطننا ضد كل من يتربص به شراً». واضاف «مستقبل سوريا لن يقرره سوى السوريين».
ويشارك في المؤتمر مئات الاشخاص من أحزاب ومجموعات معارضة بينها معارضة الداخل، وأخرى موالية ضمنها حزب «البعث» الحاكم وممثلون عن المجتمع المدني.
ورفض وفد المعارضة السورية حضور المؤتمر بعدما وصل المطار، بسبب استخدام المؤتمر شعار يحمل العلم الوطني السوري و«غصن الزيتون».
من جانب آخر شيعت مدينة عفرين في شمالي سوريا أمس (الاثنين)، 24 شخصاً بينهم ثمانية مدنيين قتلوا نتيجة المعارك والغارات التركية على قرى وبلدات عدة في المنطقة الحدودية ذات الغالبية الكردية التي تشكل هدفاً لهجوم تشنه أنقرة مع فصائل سورية معارضة. وشاهد مراسل وكالة «فرانس برس» مدنيين ومقاتلين يتناوبون على حمل النعوش على أكتافهم وسط أجواء من الحزن والغضب، بينما كان أقرباء الضحايا يجهشون بالبكاء. وردد المشيعون هتافات بينها «بالروح بالدم نفديك يا شهيد» و«يسقط يسقط أردوغان» وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذتها قوات الأمن الكردية. وتزامن التشييع مع دوي غارات تركية على القرى الحدودية وصل صداها الى مدينة عفرين تزامناً مع تصاعد أعمدة الدخان الأسود من المناطق الواقعة شمالها.
وتسببت الغارات الجوية التركية أمس في مقتل 14 مدنياً بينهم خمسة أطفال وفق حصيلة لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، ما يرفع حصيلة القتلى في صفوف المدنيين منذ بدء الهجوم إلى 55 قتيلاً على الأقل.
وتشن تركيا منذ 20 كانون الثاني الجاري هجوماً على منطقة عفرين الحدودية الواقعة في شمال محافظة حلب، تقول انه يستهدف «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعتبرها "ارهابية" . وكثفت تركيا أمس قصفها على المنطقة. وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن إن الطائرات التركية «تكثف غاراتها الاثنين مع استمرار القصف المدفعي على منطقتي راجو وجنديرس» عند الأطراف الشمالية والغربية لعفرين. وتدور اليوم وفق «المرصد»، معارك عنيفة بين القوات التركية والفصائل الموالية لها من جهة والكرد من جهة أخرى في تلك المناطق. وتمكنت القوات المهاجمة منذ بدء الهجوم الذي أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصميمه على مواصلته، من السيطرة على ثماني قرى حدودية، بحسب "المرصد" .
وتحد تركيا منطقة عفرين من جهتي الشمال والغرب، فيما تحدها مناطق سيطرة الفصائل السورية المعارضة من جهتي الجنوب والشرق. وتمكنت القوات التركية مع حلفائها في عملية «غصن الزيتون» أمس من السيطرة على تلة برصايا الستراتيجية، المشرفة على مدينة كيليس التركية وأعزاز السورية. وتبادلت القوات التركية والمقاتلون الكرد السيطرة على هذه التلة مرات عدة خلال الأيام الأخيرة. وأعلى هذه التلة، شاهد مراسل «فرانس برس» أمس وصول قائد الجيش الثاني في القوات التركية وقائد الهجوم على عفرين إسماعيل متين تمل وسط استنفار عسكري واجراءات مشددة، لتفقد قواته التي تمركزت في الموقع.
وعملت آليات تركية على استحداث سواتر ترابية على شكل دائري، تمركزت داخلها دبابات ومدرعات تزامناً مع عمل وحدات متخصصة على ازالة الألغام. وسرع إعلان التحالف الدولي بقيادة واشنطن عمله على تشكيل قوة أمن حدودية تضم مقاتلين أكراد، بدء تركيا هجومها على عفرين بعد التلويح به منذ أشهر عدة. وعلى رغم التوتر بين تركيا والولايات المتحدة، العضوان في «حلف شمال الاطلسي»، أبدى أردوغان أمس تصميمه على توسيع الهجوم نحو الشرق وخصوصا مدينة منبج التي تسيطر «قوات سورية الديموقراطية» عليها وحيث تنشر واشنطن جنوداً هناك.
وعبرت دول عدة بينها ألمانيا وفرنسا وكذلك الاتحاد الأوروبي عن القلق ازاء التدخل التركي الذي يزيد من تعقيد الوضع في سوريا، حيث أوقعت الحرب أكثر من 340 ألف قتيل منذ اندلاعها العام 2011.