adnan.h@almadapaper.net
سواءً قبلت المحكمة الاتحادية أو ردّت الطعن المقدّم إليها من بعض أعضاء مجلس النواب بخصوص الشهادة الدراسية المتوجّب أن يحملها المُرشّح الى الانتخابات البرلمانية القادمة، فإن ما يثير العجب أن تكون هذه قضية ينشغل بها البرلمان والمحكمة الاتحادية والرأي العام على حساب قضايا أخرى لها أهميتها واعتبارها.
هذه القضية ما كان لها أن تكون في الأساس.. أي ما كان على مجلس النواب أن يُعدّل المادة (8) من قانون الانتخابات بما يرفع مستوى الشهادة الدراسية لعضو البرلمان من البكالوريا (الإعدادية) إلى البكالوريوس.
ما كان لهذا أن يكون لأنّ عضو مجلس النواب هو ممثل الشعب المُنتخب، والشعب مؤلّف من طبقات وفئات اجتماعية مختلفة كثيراً في مستوياتها التعليمية، وبخاصة في البلدان المتخلّفة التي تُوصف مجاملةً بـ"النامية"، كبلدنا العراق. وتخلّف بلدنا مسؤول عن نصفه نظام صدام حسين الذي انصرف عن التنمية إلى الحروب والقمع والاستبداد، والنصف الثاني مسؤول عنه النظام الحالي (نظام الإسلام السياسي) الذي وعد الناس بالتنمية والتقدم والازدهار وإذا به يُعيد دوران العجلة إلى الوراء لتكون لدينا واحدة من أكثر دول العالم فشلاً وواحد من أكثر مجتمعات العالم مكابدةً مع الفقر والبطالة والأميّة والفساد.
كم عدد العمال في العراق؟ كم عدد الباعة الجوّالين وصغار الباعة من أصحاب الدكاكين؟ كم عدد الشحاذين؟ كم عدد الفلاحين؟.. لا يمكن لأي أحد أن يجيب عن هذه الأسئلة، فليست لدينا احصاءات مُعتبرة ومُعوّل عليها، وفي الأساس ليس لدينا إحصاء سكاني منذ آخر إحصاء نُظّم في عهد صدام (1997)، فنظامنا الجديد والطبقة السياسية القائمة عليه لديهما حساسية فائقة تجاه الأرقام والإحصائيات،لأن من شأن وجودها أن يوقف عمليات التلاعب الشاملة مختلف منواحي الحياة، من الانتخابات إلى الحصّة التموينية والرعاية الاجتماعية التي يقوم موظفون محسوبون على الاحزاب النافذة (من الإسلام السياسي) بسرقة تخصيصاتها.
سألتُ أمس قيادياً في اتحاد نقابات العمال عن عدد العمال في العراق،فكان جوابه الفوري بعدم وجود إحصائيات دقيقة، لكنّه قدّر العمال المُنتظمين بما يزيد على مليون شخص،والعمال غير المنتظمين (الباعة الجوّالون وأصحاب البسطات والدكاكين الصغيرة) بما يزيد على خمسة ملايين. أفترض أنّ الفلاحين هم بضعة ملايين أيضاً، وأفترض أن أكثر من نصف هؤلاء، العمال بأصنافهم المختلفة، والفلاحين، لم تسعفهم ظروفهم بالحصول على شهادة البكالوريا، فضلاً عن البكالوريوس. قانون الانتخابات الجديد(المُعدّل) ينبذ تماماً كلّ هذه الملايين ويصادر حقّهم في انتخاب ممثّليهم إلى مجلس النواب الاتحادي كما لو لم يكونوا عراقيين في الأساس!
علاوة على هذا كله، فالجميع يعرف أنه منذ عهد النظام السابق، وفي النظام الحالي على وجه الخصوص، ما عادت للشهادة الجامعية (بكالوريوس، ماستر، دكتوراه) أيّ قيمة أو أهمية، فهي صارت تُمنَح جزافاً في كثير من الأحيان، ولمَنْ يُمكن أن تُوصف أغلبيتهم الساحقة بـ"مَنْ هبّ ودبّ".
التفتوا حواليكم لتتأكدوا.. وراجعوا وقائع جلسات مجلس النواب وابحثوا عمّا إذا كان لنشاط أعضاء المجلس وحيوتهم وحضورهم الجلسات ونزاهتهم وإخلاصهم أيّ علاقة بمستوى شهاداتهم.
جميع التعليقات 2
بغداد
استاذ عدنان حسين شكرًا على مقال اليوم شهدات النواب ... ليست قضيِّة وضحت لنا الصورة الحقيقية المزرية في عراق يحكمه حفنة لصوص ومتخلفين فاقدين الضمير والشعور بالأنسانية والقيم الحضارية ومن أين تأتيهم وهم بالأصل ساقطين ومعظمهم يحملون شهادات مزورة وألقاب ص
خديجه طاهر
اخي المحترم، كل ما ذكرته صحيح وأقول بكل صراحه بان من عاده الانظمه المستبده ان تشغل الناس بامور وقضايا ثانوية أو تخلق قضايا تلهي بها البلد كله، فكيف ننسى مشكله الزئبق وبعدها قضيه ابو طبر والاباده والحروب في العهد السابق. وهولاء الان يتبعون نفس الأسلوب .