adnan.h@almadapaper.net
من الآن فصاعداً وإلى أن يأتي يوم يصحّ فيه الصحيح في هذي البلاد البائسة، لن يُفرحنا أيّ حكم لمحاكم النزاهة في حقّ فاسد أو مُفسد... لن تبهجنا الأنباء عن القبض على فاسد أو مُفسد فارّ إلى الخارج وإعادته مخفوراً بمساعدة الشرطة الدولية (إنتربول).
ما عاد لأحكام محاكم النزاهة طعم السكّر، ولا للقبض على الفارّين بالجَمَل وما حمل طعم العسل، فلدينا مجلس نواب موقّر للغاية إلى درجة أنّ إسلاميّيه السُنّة يتواطؤون مع إسلاميّيه الشيعة للعفو عن إرهابيّي الأوائل وفاسدي الأواخر.
أكثر من عضو من أعضاء هذا المجلس"الموقّر"تسابقوا في الأيام الأخيرة لتأكيد أنّ وزير التجارة الأسبق عبد الفلاح السوداني (إسلامي) المحكوم في عدة قضايا فساد إداري ومالي والمجلوب مخفوراً من الخارج"سيخرج منها مثل الشعرة من العجين"بفضل قانون العفو العام الذي شرّعه مجلس النواب"الموقّر"العام الماضي في سبيل إفلات الإرهابيين من الإسلام السياسي السنّي من العقاب في مقابل إفلات مماثل للفاسدين (من الإسلام السياسي الشيعي).
حتى الآن استفاد من القانون المئات من مرتكبي الأعمال الإرهابيّة فأُطلِق سراحهم، وربما لم ينتظر بعضهم طويلاً ليلتحق من جديد بالتنظيمات الإرهابية، فالقانون لم يفرض على المشمولين بالعفو شروطاً وضمانات مباشرة تكفل عدم عودتهم إلى الإرهاب.
في المقابل استفاد العديد من المحكومين في قضايا فساد مالي وإداري فأُطلِق سراحهم، وكان الالتزام الوحيد المفروض عليهم أن يُعيدوا ما نهبوه من مال (استثمروه وجنوا منه أرباحاً بملايين الدولارات). وفي الواقع فإن الدولة كرّمتهم وكافأتهم عن فسادهم، كما لم يُكرَّم ويُكافَأ أيّ فاسد في التاريخ كلّه، بالسماح لهم بالعودة إلى وظائفهم ومناصبهم الخطيرة السابقة (محافظو بابل وصلاح الدين والأنبار مثالاً)، مع أنّ جرائم الفساد الإداري والمالي مُصنَّفة في خانة جرائم مخلّة بالشرف في القانون العراقي (والدولي) الذي يشترط في مَنْ يتقلّد أيّ وظيفة في الدولة، بما فيها الدنيا، ألّا يكون محكوماً بجناية أو جنحة مخلّة بالشرف!.. وبالطبع فإن سرقة المال العام جريمة مخلّة بالشرف الشخصي والوطني، ومن اللازم تشديد العقوبة في حقّ مرتكبها وليس العفو عنه وإلغاء عقوبته تماماً كما لو أنّ جريمته لم تكن في الأساس، فيتساوى الفاسد عديم الذمّة والضمير بالنزيه، الشريف، الوطني.
إذا كانت أبواب الإرهاب والفساد قد ظلّت مواربة، فمِنَ الآن وصاعداً ستكون مُشرعة على الآخر أمام الإرهابيين والفاسدين والمُفسدين بفضل قانون العفو العام التعيس الذي إذْ هو يكافئ هؤلاء فإنه يعاقب ضحاياهم بالعفو عن المجرمين في حقّهم وبعدم تعويضهم (الضحايا)، فما عادت الأحكام القضائية تُخيف ولا عادت مذكّرات إلقاء القبض تُفزع، ولا عاد ما يردع عن ارتكاب جرائم الإرهاب والفساد سواء بسواء.
... والبركة بالإسلام السياسي!
جميع التعليقات 2
بغداد
استاذ عدنان حسين اصبح واضحاً لكل ذو بصيرة اننا نعاصر عصر حكم وتحكم المافيات والشعوب محاصرة بعصابات مافيوية ميليشاوية تحت مسميات متعددة الوجوه والأيديولوجيات انه عصر هيمنة الرأسمالية المتوحشة وهي اخر مراحل الرأسمالية التي هيمنت الآن على جميع مصادر الطاقة و
خديجه طاهر
حضره الأخ المحترم عدنان حسين، أنا كثيره الإعجاب بمقالاتك القيمه والهادفة التي تدل على إنسانيتك وكرهك للفساد الذي يعم البلد. بعد قراءه مقال الْيَوْمَ كدت افقد الأمل في الإصلاح حيث اذا اجتمع الأضداد لحمايه ومكافآه الفاسدين خاصه وفِي الانتخابات القادمة