TOP

جريدة المدى > غير مصنف > سلمان شكر نخلة من النغم العراقي لاتتكرر

سلمان شكر نخلة من النغم العراقي لاتتكرر

نشر في: 14 إبريل, 2010: 04:59 م

فاروق سلوم* هو سلمان شكر داود حيدر محمد علي ولد في بغداد عام 1921، ويعد احد اهم الموسيقيين في الوطن العربي. ودخل شكر معهد الموسيقي عام 1936 وكان قبلها عازفا على آلة الكلارتين في الجوق الموسيقي الذي اسسه الرائد حنا بطرس. ودرس آلة العود والموسيقي الشرقية علي يد الموسيقار الشريف محيي الدين حيدر وتخرج عام 1944.
 وعين استاذا في المعهد الموسيقي عام 1947 وكانت دائرة الفنون الموسيقية قد ناشدت الجهات المعنية انقاذه من المرض قبل رحيله في داره ببغداد. وعاش شكر مخلصا لعراقيته رافضا كل اغراءات السفر خارج وطنه والمقال التالي يكشف جانبا من اخلاص الموسيقى لبيئته الذي كتب قبل يومين من رحيل شكر دجلة يلتوي علي ذاته... وتنطفئ انوار المساء اذ لاضياء غير قمر الليل..وثمة روح صوفيّة تهوم حول بقايانا وذكرياتنا نحن اصدقاء الفنان سلمان شكر..وتلامذته..وجيرانه..واحبائه..فقد..كنت امشي الطريق الى منزله..خلال السنوات التي تلت الأحتلال..لنمضي العصاري معا ونحكي عن الفن والذكريات..تحت اشجار اليوكالبتوس في حديقته العطشي..سلمان شكر رجل صعب.. كموسيقي معتد بأختصاصه ..لكنه حميم الى درجة البكاء كأبن بلاد الرافدين وسليل حضارات مركّبة ..ككردي فيلي وكعراقي له انتماء رافديني عميق..وكانت ثمة ليال خاصة رغم كل خراب..وبخاصة تلك الأمسية الغامرة في منزل الفنان عباس جميل اواخر عام 2003 قبل ان يغادرنا ابو طارق..كانت ليلة ثريّة وكأنها ليلة وداع لكل شيء ولكل ذكرى..كانت بغداد مخّربة كخرابة ..والطرق لاتؤدي الى منافذها..والعربة بالكاد تمضي بنا بسبب وقودها المخلوط بالماء..والزيت.. وسلمان شكر يضحك بكل روح الصبي الصوفي..وحين نصل ونجلس قليلا..يغمز الأوتار الستة بريشته بعبث فطري..فيخرج بضعة دروايش ومعتزلة..وصوفيون يستعرضون شاراتهم الروحية امامنا..معلنين انهم قد يقودون موكبنا الباكي في ايابه تلك الليلة من عام 2003 الي مصير محتوم..لكن الليل البغدادي، وان كانت بغداد مدينة خطرة..فهو ليل العشاق والمغامرين..والمهدّدين..لأنهم مغايرون في النظر الى فكرة الحياة والبقاء وجدل التاريخ.. على طول الخط التاريخي للأبداع..وكان سلمان شكر ذلك المغاير الدائم..المختلف حد النشوة حول الموسيقى الشرقية..وحول العزف السولو..والفردانية في الأرتجال..ولايخفي لحظة واحدة..ولعه بألارتجال بأعتباره لحظة التجلي والأنخطاف الصوفيين....وكنا نمضي معتقدين ان الحياة ستمضي لنقيم..مجد محبتنا..حتى لو بقي ابا محي الدين لايتقن اللغة العربية الثرّة التعبير ــ كما كل فنان احيانا - .. بما يكفي ليحكي عن فنه العظيم..لكن كل شيء كان يمضي الى مآل مرسوم في تلك الحياة المخربة عن قصد ودراية..وكان الجحود والعقوق هوية اناس واصدقاء وطلاب موسيقي تربو علي يديه..وعازفين مهرة اكتسبوا رائحة الشريف محيي الدين شريف وتنطعوا بها عبر جميل بشير.. ومنير بشير.. وسلمان شكر.. وغانم حداد..اساتذة الموسيقي..والأرتجال الصولو..والسماعيات..واسطوات الذاكرة..فلماذا كل هذا العقوق..ونقول له..اننا سوف نحمل حقائبنا ونخرج يأأبا محيي الدين ..فلم تعد بغداد لاشرقها ولاغربها يسمعان غير الدوي..اين ستعزف موسيقاك ياأبا محي الدين..(لا.. لا روحوا عوفوني..آني أعرف شغلي)..وكان سلمان شكر يقصدها..فقد عاد للتو من تونس وهو على كبر ..ياابا محيي الدين ــ عدّل بدّل..من قال ان تغيير الأوضاع في البلاد لصالح الموسيقي , من سيستمع اليك وسط النكوص الفكري والثقافي ووسط الدوي والتفجير والقتل بأصرار مسبق....لا ٌ.. لا..عوفوني..روحوا عاد..قالها بأصرار..واردف :- هل تتذكر الصيف الفائت هل رأيت الناس كيف ملأت القاعة لتسمعني وكان يقصد صيف 2002..عندما عاد من تونس في عطلة الصيف البغدادي الساخن..واقمنا له امسية للموسيقى الروحية علي قاعة الرباط..القاعة الوحيدة التي كانت خارج جداول قصف طيران قوات التحالف المحتمل..سألني وانا اناقشة..- ماذا اقدم سماعيات..تقاسيم..عراقيات عامة..قلت له ان ضيوفك في الأمسية هم شخصيات عراقية وأخرى زائرة..وجمعيات متعاطفة وبشر محبّة..وسفراء اسبانيا وفرنسا..وسفير ايطاليا (وهو عازف بيانو)..ووجوه مغامرة قادمة الي بغداد فيما دقائق الحرب تقترب..قدم ماتريد ياأبا محيي الدين..فأنت اسطه في كل ارتجال..ضحك بأستمتاع لأن كلمة (أسطة) اعجبته..كيف لا وهو ابن بغداد القديمة بكل اسمائها..وكناها..وألقابها الجليلة..وزعنا مطوية مسحوبة على اجهزة التصوير تضم صورته وبعض كلام عن حياته وفنه..فوجئنا بعدد كبير من رجال الاعلام..والصحفيين الاجانب بشكل خاص ..وعلي راسهم شيخ الأعلام الألمان فون لاشاتور..وهانز فون سبونك (الرئيس المستقيل لبرنامج الأمم المحتدة للغذاء والدواء) لصالح الحقيقة..ولارس سيغور مدير اذاعة النرويج الشرقية..ولارس سونانا مدير الأخبار في الأذاعة النرويجية ــ الشرق الأوسط..وهيلغا ليبرد من زد دي اف الألمانية وجيوفاني بدلينا من التلفزيون السويسري وفريقه وكان ينتج فيلما عن العراق..وسفراء..ومعماريون اجانب ومهندسون لأقامة مشروعات صغيرة للماء الصافي قبل الحرب..وضجت القاعة بايحاء بسيط لموسيقي عميقة..وحين يتعب سلمان شكر في تلك الليلة او يعجز.. عن التواصل يضرب مشط الأوتار الستة..بريشته فتعطي نسقا خاصا من الموسي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram