لم يعد هناك مجالٌ للصمت أكثر مما مضى حيال ما تعيشه بعض مجالس إدارات الاتحادات المركزية من مواقف كانت ولم تزل، مُدعاةً للدهشة ليس إعجاباً لمُنجز ما، بل ازدراءً لما تتّخذه من إجراءات لا تمت بصلة لمصلحة ألعابها ومصائرها في بطولات تحتّم عليها المشاركة للتطوير ومسايرة المنتخبات المتقدمة في القارة، ولتقييم عمل الاتحاد نفسه بلجانه وبخاصة الفنية، إن كانت ناجحة أم فاشلة.
هذا ما كنا نتمناه من اتحاد كرة اليد الذي أعدَّ برنامجاً شاملاً لتأهيل اللعبة على مختلف المستويات وصولاً الى المنتخب الأول في ظل التحديات التي تنتظره وفي مقدمتها بطولة آسيا المؤمل اختتامها اليوم الأحد في كوريا الجنوبية، وتعد مؤهّلة بثلاث بطاقات الى بطولة العالم في ألمانيا والدنمارك عام 2019 انتزعتها بجدارة منتخبات قطر والبحرين والسعودية، لكنَّ إدارة الاتحاد، قررت الاعتذار عن المشاركة، لماذا؟ لتزامن أزمة اللجنة الأولمبية مع مطلب الاتحاد الآسيوي للعبة بإعلامه الموافقة النهائية على خوض المنافسات من عدمه!
مضى شهر تقريباً على قرار اتحاد كرة اليد بالاعتذار عن المشاركة، وكنا نترقب إجراءً تقويمياً من المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية بحقه أو لجنة الخبراء أضعف الإيمان، إلا أن الجميع لاذ بالصمت، وربما باركوا القرار الذي لم يكن حكيماً ولا ناضجاً، وفضح حقيقة ما يجري للرياضة العراقية من شدّ قسري للتراجع بعد أن حوّلت الأولمبية عدداً كبيراً من الاتحادات للنخوات في الأزمات، بدليل أن اتحاد كرة اليد كان من بين 17 اتحاداً علّق انشطته في 14 كانون الأول 2017 تضامناً مع إيقاف الأولمبية إجراءاتها الإدارية والمالية بعد قطع التخصيصات عنها من وزارة المالية.
لو كان اتحاد كرة اليد حريصاً على مصير اللعبة والالتزام بالمسابقات القارية والدولية مثل بطولة آسيا المؤهلة الى كأس العالم، لبادر بإعلان استقلاليته من أية تأثيرات مثلما رفض اتحادا كرة السلة وألعاب القوى إيقاف أنشطتهما وبخاصة الأول المتهيئ منذ فترة طويلة لتصفيات كأس العالم، لكن اتحاد كرة اليد أخفق في رؤيته للأزمة، وفرّط بمشاركة مهمة بدأت في 9 كانون الثاني 2018 ومثبّتة في منهاج الاتحاد السنوي مطلع العام الماضي، ويمكن أن يضع لها خطة إعداد مكثّفة قبل شهرين من انتهائه في الأقل!!
الأمر اللافت في قضية اتحاد كرة اليد، أنه لم يكن بحاجة الى إعداد طويل بحكم أن أغلب لاعبي الوطني الأساسيين هم أعمدة نادي الشرطة الفائز بالمركز الخامس في بطولة الأندية الآسيوية نهاية تشرين الثاني الماضي، التي جرت في الهند ومدربه ظافر صاحب هو نفسه مسؤول عن تحضير المنتخب الأول، ولو كان الاتحاد جاداً لأمَّن مستلزمات المشاركة بهدوء وعَزلَ أجواء المنتخب عن أزمة الأولمبية التي لم تدم سوى 12 يوماً فقط، حيث تم الإيقاف يوم 14 كانون الأول وأعلن الاستئناف يوم 26 الشهر نفسه!! فلمصلحة مَنْ جرى الاصطفاف اللا منطقي مع أزمة - قرار أولمبي تكتيكي- أضاع فرصة بلوغ المربع الذهبي القاري والوصول الى المونديال مع اضمحلال سمعة بلدنا في اللعبة التي تتفاخر بملاكات تدريبية وطنية قوّت أيدي الفرق الخليجية لتعلو عربياً ودولياً؟
وإذا كانت ذريعة اتحاد كرة اليد عدم توفر المال في تلك الفترة، ألم يتدبّر اتحاد كرة القدم نفقات مشاركته في كأس الخليج 23 من وزارة الشباب والرياضة التي منحته سلفة مئتي مليون دينار بضمنها تغطية تكاليف تحضيرات الأولمبي لكأس آسيا، وشاركت البعثة في دورة الكويت وسط استمرار الأزمة، لأن الاستحقاقات القارية والمونديالية أمر واجب التعامل معه فوق المصالح الأخرى، وواجب على الدولة المساندة لننجح فيها.
إن قنبلة الاعتزال الجماعي التي فجّرها أعضاء المنتخب الوطني السبعة احتجاجاً على غيابنا القاري واحتمال معاقبة كرتنا بالحرمان لمدة سنتين حسب اللوائح، أسهمت في تشتيت التركيز على خطأ إدارة الاتحاد الشنيع إعلامياً وجماهيرياً، ونعتقد أن الجمعية العمومية المُراقبة تتحمّل مسؤولية كبيرة للمرحلة المقبلة سواء بمعالجة الخلل واستمرار دعم الإدارة الحالية أم البحث عن البديل المنقذ.
اتحاد يد النخوة!
[post-views]
نشر في: 27 يناير, 2018: 04:04 م