يوسف العانيمنذ سنوات طويلة، لم أكف بالسؤال عنه، بالرغم من وجوده معي بأكثر من مناسبة وسبب.. فناناً وانساناً وصديقاً،والتقي به بين سنوات وسنوات، هكذا كان هو كثير السفر والتنقل فتضيع أخباره عني.انه بصراحة ضنين بلقاءاته مع من يحبونه.. وموقفه هذا جاء ــ كما عرفت منذ بداية تعارفنا ــ لانه لا يميل الي فرض نفسه علي الآخرين هكذا كان يقول..
 وهو بتقديري او لا يدري أخف من نسمة الفجر.. ان تحدث أوجز وان سكت كان سكوته أخف من نسمة الفجر.. ان تحدث بلاغة العارف بالكثير من أشياء يحتفظ بها لنفسه.. ثم ـ وهذا مهم جدا ـ ان عزف علي علي العود ساد الجو جلال ومهابة.. وما عليك الا ان تنصت وتعمق انصاتك لتستوجب ما يرتسم أمامك من شموخ العازف الذي لا يرضي ممن يستمع اليه حتي من النسمة ان تتسرب الي الجو السحري الذي يسود لحظات الموسيقي وكأن باقات ورد تفوح عطرا مسموعاً ومحسوساً قد خرجت من بين أنامل هذا الانسان الفنان.أعود وأقول انني اسأل عنه دائماً.. بين فترات متقاربة ـ متباعدة رغم وجوده الذي أحس به دائما كما اشرت، قبل أكثر من سنتين سألت عنه جهرا وعلانية فقد أحسست اننا قد ضيعنا سلمان شكر أو أضعناه ووضعت اللوم علي المسؤولين أولا وعلي كثيرين يدركون مكانته وأهميته لكنهم يتقصدون نسيانه أو اهماله وتناسي مكانته الرفيعة.. فهم غارقون في تفاهات فنية يحسبونها بل يفرضونها علي الناس بحجج واهية وقصر يجرهم السطحية والتفاهة في كثير من الأوقات والمناسبات.هذه المرة ومنذ زمن ليس بالقليل رحت اسأل عنه كثيراأين هو؟لكنني لم أصل الي رد واضح.. كل يظن انه في مكان.البارحة ـ الجمعة ـ كنت مع ابن أخي.. زهير وبهدوء مشوب بالحنو ـ قال لي:عمر،، سلمان شكر وين،،قلت:انا أسأل عنه منذ فترة طويلة.. آخر مرة ومنذ سنوات التقيت به في لندن.. ومرة قيل لي انه بدمشق.وأضاف زهير:وكان بعمان أيضا. وسكت.. لكنني أحسست انه يخفي امرا عني،، تأملته وقلت:أكوشي؟قالكاي عمو.. سلمان شكر.. توفي البارحة.. اذاعوا الخبر بالتلفزيون! صرخت.. وتحول سؤالي الدائم عنه الي صمت ودموع ساخنة. واصوات عوده تتعالي صرخات ما بعد البكاء وما فوق الحزن..وسكت.. لأسأل مرة أخري:أين مات؟قالك قال:لم يذكروا أين.ورددت مع نفسي ـ لم يذكروا أين.نهضت وبعد دقائق.. رحت أكتب هذه الكلمة العاجلة.. قبل ان اكتشف المكان الذي مات فيه.. كي أبقي سؤالي عنه قائماً.. فسلمان شكر الفنان الكبير.. أكبر وأعظم من أن يضيع، فهو في القلب والذهن وفي المكانة العليا التي ظل فيها وعليها دون ان ينجر أو يتراجع عنها انسانا وفنانا ستذكره الأجيال بمحبه واعتزاز.rn