تسبّبت حادثة إطلاق النار على حافلة نادي الزوراء من قبل عضو الهيئة الإدارية في نادي الشرطة الرياضي بعد الانتهاء من مباراة الفريقين التي جرت في ملعب الشعب الدولي، الى تساؤلات كثيرة والى نقاش حاد في أروقة الصحافة الرياضية ووسائل الاتصال الاجتماعي وفي فتح نقاش إعلامي وسياسي واسع، حول أسباب انتشار العنف في الملاعب المحلية، وعن الجهة التي تتحمّل المسؤولية في ذلك.
ظاهرة.. أم استهتار
ظاهرة العنف في الملاعب العراقية، ظاهرة قديمة لكنها متجدّدة. فحادثة الاعتداء على لاعبي الفرق والمشجعين والحكّام تشهدها الملاعب يومياً ولكن بدون ردع أو على الأقل الحدّ منها، فشرطة الملاعب تقف متفرجة ولاحول ولاقول لها في فض الاعتداء على الأقل وليس القبض على الفاعلين. وأحياناً تسهم في الاعتداء والضرب وتنحاز الى ذلك الفريق أو اللاعب وتنسى دورها وواجباتها في الحفاظ على سلامة الجميع بدون استثناء، وعندما نرجع الى الوراء ونتذكر حادثة مقتل مدرب نادي كربلاء على أيدي شرطة حماية الملاعب، نُصاب بالألم والحسرة الى ما آلت إليه الأمور وكيف فقدت الملاعب الأمن والأمان على أيدي رجال الشرطة، فضلاً عن حوادث أخرى راح ضحيتها المناصرون داخل الملاعب وخارجها.
الإعلام متهم
وفي الوقت الذي تواجه فيه قوات الشرطة انتقادات لعجزها عن مواجهة الظاهرة، بلجوئها - إلى حلول ترقيعية وآنية لمعالجة المشكلة، تواجه أيضاً وسائل الإعلام وبخاصة الصحف، اتهامات بالترويج لثقافة العنف في الملاعب. ويعود السبب في ذلك برأينا، لنقص الاحترافية لدى بعض المؤسسات وعدم قدرتها على تمحيص المادة الإعلامية وغربلتها للترويج لمسببات العنف. وكذلك "هناك بعض التصريحات غير المسؤولة لمسيّرين ومديرين ومدربين ولاعبين ومسؤولين في روابط المشجعين أو اتحادات كرة القدم، يقوم الصحافيون باستثمارها من أجل الترويج لأعمالهم الصحفية".
فعندما يتحدث أي رئيس نادٍ عن حكم ما، بأنه غير نزيه ومرتشٍ، فإنَّ أي خطأ له بأرضية الملعب يتسبّب في رد فعل عنيف من طرف أنصار الفريق الآخر، لذلك فإنّ المشكلة الأساس تنبع من هذه التصريحات غير المسؤولة.
روابط المشجعين
واستعمال السلاح
من ناحيته، يعزو الدكتور عدنان ياسين، أستاذ ورئيس قسم الاجتماع في جامعة بغداد وجود هذه الظاهرة، إلى تفشي ثقافة العنف في الملاعب العربية و العالمية وانتشارها في القنوات الرياضية، وأيضاً عبر شبكة الإنترنت، خاصة أن انتشار مشاهد العنف وتكرارها باستمرار أمام أعين الشباب والمراهقين، يكسر الحاجز النفسي الطبيعي الموجود بينهم وبين كل ما يتعلق بالعنف.
ويلفت الدكتور عدنان، إلى أن حمل هذه الأسلحة ينذر بعواقب وخيمة على حاضر ومستقبل من يقوم بذلك، خاصة أن حالة الغضب التي قد تحدث لبعض الشباب في الملاعب وتحت ظروف معينة، قد تجعله يلجأ إلى استعمال ما في حوزته من سلاح في مواجهة مشجعي الفريق الآخر لغرض الاعتداء، أو التباهي.
إلى ذلك، يوضح د. عدنان، أهمية دور المجتمع والقوانين في عملية التوعية ممثلةً في وسائل الإعلام والمدارس ووزارة الداخلية وغيرها من المؤسسات المعنية بالشباب، حيث يجب على كل تلك، تنظيم حملات وبرامج توعوية توضّح مخاطر حمل تلك الأسلحة والمفرقعات والهتاف المشحون بالعنصرية والتحزب والألفاظ النابية وإحالة من تثبت إدانته الى القضاء بدون تسوية أو مماطلة.