صباح محسنقد تكون الاشارة للتاريخ ، تأكيدا لظروف الحدث، وحسما للموضوع الذي تدور حوله الاحداث. وقد برز هذا الامر كثيرا في الافلام السينمائية ، لإعطاء الثيمة الاساسية للفيلم بعدا واقعيا مقبولا، ومحاولة ذكية لجر المتلقي للتأمل في الاشارة المعلنة في مستوياتها المختلفة مثل الرقم أو كتابة التاريخ بشكل متسلسل.
وقد غلب امر التاريخ وظهوره بداية ووسط ونهاية الفيلم على الكثير من الاعمال السينمائية لتأكيد حظور الحدث وتأثيراته التاريخية . وكانت السينما الامريكية قد انتجت عدة افلام تناولت موضوعة حرب العراق، ومن زوايا مختلفة ، من حديثة الى البصرة الى افلام كوميدية ، حتى آخر فيلم منتج بعنوان المنطقة الخضراء والذي قام ببطولته الممثل الصاعد مات ديمون، ويحكي قصة مجموعة من الجنود يبحثون عن مناطق معينة قد يكون مصدرها طمر الاسلحة الكيمياوية والتي على اساسها قامت الحرب ، او هكذا تم تمرير الامر!ليكون الفيلم قد ابتدأ بتاريخ مثبت من بداية التايتل 19/ 3/ 2003 للدلالة على بدء الهجوم العسكري على بغداد ، بعد ان تجاوزت القوات العسكرية للحلفاء اغلب مناطق العراق والاشارة التي ارتكز عليها المشهد الاول هو تسليط الضوء ، رغم ظلام اغلب المشاهد المصورة داخل مدينة مفترضة تشبه الى حد ما الازقة البغدادية ، على مجموعة الضابط العراقي محمد الراوي المشرف على مشروع الملف الكيمياوي والذي سبق ان تعاون مع الامريكان ، حسب الاشارات الواردة في الحوار، مع ان الراوي كان امينا معنا في نقل المعلومة ، او لم يقم بتبليغنا سوى الاشياء التافهة او التي لا تستحق العناء، وهذه الكلمات اطلقت على لسان بعض المسؤولين الامريكان اثناء مشاهد الفيلم والتي حفلت بالمطاردات المضادة للراوي.لذلك وحسب الإشارة الواردة في بداية المشهد الاول تكون عملية بدء الهجوم هي نفس اللحظة التي كان الراوي يعقد فيها اجتماعا مع كبار مساعديه ويسلك نفس السلوك الذي عرف به صدام حسين في اداراته جلساته السرية او المهمة بطريقة الامر ، مع وجود حالة من الرهبة تسيطر على وجوه من معه!ووسط ظلام العاصمة بغداد ، وداخل احد بيوت الراوي مع وجود عائلته وبعض الاطفال ، يقوم بتوجيه كلامه الى من معه بعد ان ضجت الغرفة التي احتوت الاجتماع بين معترض ومؤيد يقوم الرواي بحسم الامر على ان الامريكان سيحتاجون لنا لأننا نملك الخبرة والسلطة، وبدوننا سوف يمر البلد في حروب وانتفاضات عديدة ، ما يعطي الارجحية لقبول التفاوض معنا لأننا الجهة الوحيدة التي تمثل العراق، وبعد اعتراض احد مرافقيه عن عدم الثقة بالامريكان اجاب الراوي ، إذاً سنحاربهم! لتبدأ قوات عسكرية امريكية بمطاردة المجموعة بعد ان بدأ الامر بصوت قذيفة وهي تضرب المنطقة القريبة من بيت الراوي حينها تكون الكاميرا قد سلطت الضوء على صورة لصدام وهو يقلد الراوي وساما على صدره ، ووسط الظلام الكامل الا من ضوء بسيط تم تسليطه على الصورة وهي تنقلب من على الطاولة الموضوعة عليها ، وهي اشارة على سقوط السلطة رغم حجب الظلام والدخان والقصف الشديد.بعد هذا المشهد تبدأ عملية قطع مباشرة ، لتبدأ بمشهد آخر وبتاريخ جديد آخر هو 17/ 4/ 2003 مع انفتاح عام على الكادر ، وبوجود اضاءة واضحة لأن اليوم الذي دخلت به المجموعة الجديدة كان نهارا ، حيث ان المشهد الافتتاحي يشبه الى حد ما المقدمة التي ترمز للثيمة الاساسية للفيلم، وكان ظهور عنوان الفيلم بعد نهاية رحيل الراوي الى مكان آخر لانكشاف امره وهو يوحي إلى مساعديه بالتحول الى بيوت آمنه وانتظار اتصال منه لتوجيههم فيما بعد هو ايذانا ببدء الاحداث.حينها يظهر الضابط ميلر المسؤول عن التفتيش وهو يمسك ببعض الاوراق التي تشبه الخرائط والتي تدل على مكان التخزين لتلك المواد وسط جموع وحشود من الناس وهي تحمل على اكتافها وبين ايديها بعض الاغراض المنوعة وسط ضجيج واصوات الناس والتي تتحرك يمينا وشمالا بشكل عشوائي ، وهي اشارة لعمليات النهب التي رافقت سقوط بغداد وكانت اشارات لا تخلو من خبث ، على اعتبار ان تلك الحشود لاهم لها سوى السرقة وسط مرور تلك القافلة العسكرية بينهم ليقوم بعض افرادها برمي قناني الماء للناس جراء انقطاعه بسبب القصف، ويظهر بعضهم ينحني بطريقة غريبة وسط الجسر حين تمر تلك الفرقة والتي هدفها البحث عن طمر المواد الكيمياوية !اشارات عديدة وردت في الفيلم ، غير مبتعدة عما تقدمه السينما الامريكية والغربية بشكل عام عن الشرق وتحديدا العرب حيث ليس هناك من مدن مشيدة بشكل عصري، انما بعض الاحياء الفقيرة ومظهر الناس البائس من ناحية الملبس والشكل ! وبالمناسبة فقد صورت اغلب مشاهد الفيلم في احدى المناطق المغربية القريبة الشبه من بعض الازقة البغدادية، وباقي المشاهد تم تصويرها داخل القصر الجمهوري ومداخل مطار بغداد الدولي، وهناك اشارة تظهر اثناء احداث الفيلم للدلالة على المكان.الفيلم مستوحى من كتاب الصحفي الامريكي من اصل هندي راجيف شاندرا سكاران المعنون (الرفاهية في مدينة الزمرد) وكان هدف الكاتب في الاصل هو التأكيد على الفروقات الاجتماعية الواضحة بين من يسكنون في المنطقة الخضراء ، وبين عموم الناس خارج تلك المنطقة لتكون الثيمة الاساسية التي اشتغل عليها الكاتب راجيف وبضمنها طبعا مسألة البحث
فيلــم المنطـقة الخضــــراء Green Zone..التـوافق بين زمن الحدث والمكان
نشر في: 14 إبريل, 2010: 05:16 م