اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تقارير عالمية > قراءة الكتب في العصر الرقمي

قراءة الكتب في العصر الرقمي

نشر في: 24 يناير, 2018: 12:01 ص

منذ ظهور الكتب الالكترونية، تغيرت  الطريقة التي يتعامل فيها الناس مع الكتب. وقد أكملت معظم الصحف الشهيرة ، بما في ذلك نيويورك تايمز التي تصدر منذ 166 عاماً عملية  انتقالها الى الاصدار الالكتروني  وبعضها الآن يتواجد   حصراً على مواقع  الانترنت. وفي الأوساط الأكاديمية، يتم نشر مقالات المجلات العلمية  بشكل متزايد أولاً في شكل الكتروني ، وأحياناً على وجه الحصر. ولكن عندما يتعلق الأمر بالكتب، فان الكتب  الورقية أظهرت  مرونة غير متوقعة.

الثورة الرقمية أو الالكترونية التي نعيشها اليوم تشبه حدثين كبيرين آخرين غيرا البشرية جذرياً:الاول هو اختراع الكتابة منذ 6000 سنة في بلاد ما بين النهرين و اختراع الطباعة في القرن الخامس عشر
وقد قابل العديد من المفكرين هذه الاختراعات المذهلة بالشكوك. فقد اعتبر أفلاطون الكتابة تهديدا للذاكرة البشرية،
فليس من المستغرب أن يكون للثورة الالكترونية، منتقدوها أيضا، ، ،وغالبا ما تكون لانتقاداتهم أساسا من الصحة . و نحن نحاول في هذه المقالة فهم وظيفة القراءة في العصر الرقمي خاصة في الوقت الذي تشير فيه الأبحاث إلى التأثير السلبي لشاشات القراءة الالكترونية.
يتم حالياً تشبيه استخدام الهواتف الذكية بين المراهقين بإدمان المخدرات. وتظهر الدراسات الاستقصائية العالمية أن جيلاً كاملاً قد تربى باستمرار على الانترنت، وتصل عدد مرات التحقق من الهاتف الذكي إلى 75 مرة في اليوم. ووفقا لدراسة إيطالية حديثة فان ما يسمى "بالمواطنين الرقميين"، هم، أقل استقلالية وأقل سعادة من أسلافهم . وهم يواجهون مخاوف اجتماعية جديدة مثل "فومو" (الخوف من ان يكون قد فاتهم شيء في الانترنت) و "فامبينغ" (التحقق من الرسائل النصية في وقت متأخر من الليل).
ولا يمكن القاء اللوم على الاجهزة الالكترونية فهي وسيلة ليس إلا ولكن طبيعة اتصالها مع الانترنت تشجع على استخدامها 24ساعة يومياً ، مما أدى إلى الهاء أكبر للمستخدمين ونشوء عادات القراءة المجزأة.و الضحية الرئيسية هنا هي القراءة العميقة سواء في الأدب أو كل أنواع النصوص السردية ، بما في ذلك تلك الأكاديمية.
هل من الممكن لنا أن نواجه هذه الآثار الجانبية غير المرغوب فيها للثورة الرقمية؟ الخبر السار هو نعم. جزء من الحل يكمن في تغيير عاداتنا من خلال قراءة الأعمال الادبية والاستمتاع بالعزلة.
تجربة العزلة وجد الباحثون في جامعة روتشستر أن العزلة يمكن أن تؤدي إلى الاسترخاء والحد من التوتر. ويعرف الباحثون العزلة بأنها "بقاء الفرد لوحده لفترة من الزمن بدون استخدام الأجهزة الالكترونية وانعزاله عن الانشطة و المحفزات الخارجية ". وفي جميع الدراسات التي أجريت استغرقت هذه العملية 15 دقيقة في جزء من التجربة، تم الطلب من المشاركين القيام بقراءة مقالة ترفيهية قصيرة بعنوان ": كيف هيمنت الخطوط الجوية الأميركية على الرحلات الدولية في الثلاثينيات". وكانت النتائج مماثلة لتلك التي أجريت في الأنشطة الأخرى في العزلة: كان المشاركون أكثر استرخاء وهدوءاً.
فالقراءة التي أجريت في "بيئة معزولة " عززت من مرونة القرّاء وزادت من قدرتهم على التغلب على الضغوط والتوقعات الاجتماعية، مثل تلك التي يواجهونها بشكل خاص على وسائل التواصل الاجتماعي. وبطبيعة الحال يمكن أيضا تشجيع الناس على قراءة الكتب الورقية، وذلك ببساطة لأنها تجعلهم أكثر استرخاء مقارنة بقراءة الكتب الالكترونية. ولكن إذا كانت القراءة توفر كل ذلك، فان قراءة الاعمال الادبية هي أفضل انواع القراءات.
وقد قدم العلماء في الآونة الأخيرة أدلة تجريبية تثبت أن القراءة الأدبية تؤثر بشكل إيجابي على المشاعر والاحاسيس وعلى المعرفة والمهارات الاجتماعية. وقد وجد عالم النفس ريموند مار وزملاؤه أن الناس الذين يقرأون الأعمال الادبية - من أي نوع – سجلوا أفضل النتائج في الاختبارات التي تقيس شكلا من أشكال التعاطف.
في تجربة أخرى، وجد أستاذ علم النفس دان جونسون أن المشاركين الذين قرأوا مقتطفات من رواية عن محنة امرأة عربية مسلمة أظهروا زيادة كبيرة في تعاطفهم مع المسلمين العرب وفي دوافعهم الذاتية للحد من التحامل عليهم .
ويمكن لقراء الاعمال الأدبية أن يوازنوا في الواقع الاتجاه غير الصحي للكراهية واللا مبالاة الذي ينتشر على شبكة الإنترنت. فالقراء يشعرون بالشفقة تجاه الشخصيات الإيجابية أخلاقيا ولكن ليس تجاه الأخطاء السيئة أخلاقياً
وهكذا، يمكن اعتبار الأدب المختبر الأخلاقي الذي يعزز سماتنا الاجتماعية
والآن كيف يمكننا أن نجعل الشباب – او ما يسمى بالمواطنين الرقميين – يتجهون نحو القراءة دون أن يتشتت انتباههم باستمرار من خلال شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة وأدوات الاتصال الأخرى؟ هذه بعض النصائح المفيدة .
تعليم الناس كيفية القراءة فعلا لضمان أن الأدب يستعيد (أو يحصل ) على مكانة مركزية في طموحات القراءة لدى الناس، يجب أن تكون إصلاحات الأدب في العصر الرقمي إصلاحات جذرية. وفي حين أن حفظ النصوص والتقيد بوجهة نظر المؤلف لا تزال هي المهيمنة في المدارس الأوروبية، فإن الدراسات الجديدة تبين الحاجة إلى تنفيذ "نهج تجريبية" حيث ينبغي أن ينصب التركيز على من يخاطبه النص - على سبيل المثال، الطلاب. وتشير البحوث إلى أن الاستماع إلى تفضيلات الطلاب (بدلاً من فرض النصوص) ومساعدتهم على اختيار الكتاب المناسب ليتناسب مع لحظة معينة في حياتهم تشجعهم على الانخراط في القراءة بشكل واسع للغاية .
وبهذه الطريقة يمكننا أن نجعل من قراءة الأدب قضية تعني الكثير بالنسبة للقراء المراهقين وتعزيز ما يمكن أن يستفيدوه منها في حياتهم الاجتماعية وتطورهم الشخصي.
وبالمناسبة، قد تكون الورقة نفسها حليف لا يقدر بثمن هنا. وقد أظهرت الأبحاث أن خصائصها المادية تناسب ذاكرتنا بشكل أفضل. وأوضحت عالمة النفس راكيفيت أكرمان،أنه على الرغم من التقدم التكنولوجي الهائل، ما يزال المتعلمون يفضلون دراسة النصوص من الصفحات المطبوعة بدلاً من شاشات الكمبيوتر. وكشفت أنه في حين تعلم الأداء على الأجهزة الرقمية ليس أسوأ منه على الورق، فان المثير للدهشة، ان القدرات المعرفية للاشخاص تفشل هنا. عند قراءة مقال على الشاشة يكون الشخص أقل استعداداً لتقييم مدى فهمه أو - في حالة الدراسة أيضا – حفظه للنص.
ما أظهرته تجاربنا الخاصة على قراء الكتب الورقية ان قراءاتهم تكون أكثر عمقاً في حين أن قراءة أولئك الذين يستخدمون الأجهزة الرقمية تميل إلى ان تكون ضحلة أكثر
ولكن هل ما نريده حقاً هو أن نستبدل القراءة الرقمية بالورقية، وهل نعارض القراءة على الشاشات؟ لا. نحن بحاجة إلى تكييف أدواتنا لاحتياجاتنا وتطويرها من أجل جعل القراءة عنصراً مهماً من عاداتنا الاجتماعية والثقافية. وكلما فهمنا القراءة الرقمية بشكل أفضل كلما كان بإمكاننا أن ننقذ الماضي الثمين الذي ورثناه.
 عن موقع كونفيرسيشن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

أفضل (20) رواية بوليسية.. من "ربيكا" إلى "دم بارد"

أشهر الكتب الممنوعة

نظريات التآمر عن الأرض المجوفة.. الحقيقة الكاملة

أفضل الروايات الرومانسية

سر مريم المجدلية الحقيقية

مقالات ذات صلة

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

 ترجمة / المدى في الوقت الذي ما تزال فيه أوضاع واحتياجات النازحين والمهجرين في العراق مقلقة وغير ثابتة عقب حالات العودة التي بدأت في العام 2018، فإن خطة برنامج الأغذية العالمي (FAO )...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram