كلّما عصفت الأزمات السياسية والاجتماعية في هذه البلاد العجيبة التي استبدلت صوت ناظم الغزالي بنعيق عامر الكفيشي ، أتذكر من دون وعي مسرح بغداد، ذلك المكان الساحر الذي لم تترك خشبته الصغيرة شيئاً من هموم العراق إلّا وحاولت أن تطرحه للحوار والنقاش والسؤال، بالكلمات والموسيقى والتمثيل والأمل بعراق معافى. كان يوسف العاني ومعه زينب وناهدة الرماح وخليل شوقي وسامي عبد الحميد وزكية خليفة ومي شوقي وروميو يوسف وآزادوهي صاموئيل وفوزية عارف وعشرات الشباب والشيوخ، الذين حوّلوا الكلمات الى وطن ، والضحكات الى عراق جميل وباسم لا يُغادر الذاكرة.
كان حلم القائمين على مسرح بغداد أن يبشّروا بوطن لامكان فيه للطائفية والمذهبية والقبلية واللصوصية والانتهازية وإطلالة عواطف النعمة . واختصر خليل شوقي في النخلة والجيران أحلام جميع العراقيين بعبارة بسيطة: "هم يجي يوم ونعيش بليه هموم.. كافي تعبنه". لكن يبدو أنّ الهموم لاتريد أن تفارق هذه الأرض، وبدل أن يتّعظ العراقيون بسنوات الاضطهاد والاستبداد،، ما زالوا يتخاصمون من أجل أن لايخرج كرسيّ رئيس الوزراء من الشيعة، وأن لايترك السُّنة قبّة البرلمان. وأن يبقى منصب رئيس الجمهورية من حصة الكرد، وعكس ذلك فإن الأجندات تريد أن تمحي العراق كما أخبرنا النائب الهمام عدنان الأسدي، الذي أفشى سرّاً خطيرا لا أعتقد أنه سيثير الجدل أكثر مما يثير الضحك، ماهو السر ياصاحب شعار "الوضع تحت السيطرة"؟ يقول الأسدي إن نوري المالكي سافر الى موسكو في الاشهر الأخيرة ليطلب من فلاديمير بوتن التدخل من أجل أن لاتتأجل الانتخابات العراقية، مثل هذا المشهد الساخر لن تجده حتى عند دعبول البلّام الذي أبرع في أدائه الراحل يوسف العاني.
قبل أيام ازدحمت قاعة بيت المدى في شارع المتنبي، وكانت المناسبة الاحتفاء بذكرى تسعينية الفنان سامي عبد الحميد أحد بناة مسرح بغداد والمواطن العراقي النزيه والصادق والمحب لبلده.
وقد انتظرتُ بعد الاحتفال أياماً وسألت: هل احتفت أيّ جهة أو مؤسسة عراقية بهذه المناسبة؟ ولم أستدل على أي شيء بهذا المعنى.
والغريب أنّ المؤسسة الوحيدة التي قضى فيها سامي عبد الحميد مُعظم سنوات حياته المهنية والفنية هي كلية الفنون الجميلة لم تفعل شيئاً بمُناسبة مرور تسعين عاماً على ميلاد هذا الفنان الكبير. وكأنّ الموضوع لايستحق الاهتمام ولا التذكر ولا حتى الإشارة!
تعاملت وسائل إعلامنا العزيزة مع المناسبة على أنها خبر صغير عادي في زحمة أخبار التحالفات الانتخابية التي لايزال أصحابها مصرّين على أنهم يمثلون هذا الوطن وليس دول الجوار!
تسعينيّة عراقي نزيه
[post-views]
نشر في: 21 يناير, 2018: 06:44 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
معرض العراق الدولي للكتاب: بوابة نحو التميز الثقافي والتضامن الإنساني
النفط يتصدر المشهد وتبدلات مفاجئة في ترتيب دوري نجوم العراق بعد الجولة الثامنة
العراق يُطلق منصة لتنظيم العمالة الأجنبية وتعزيز الرقابة الإلكترونية
العراق تحت قبضة الكتلة الباردة: أجواء جافة حتى الاثنين المقبل
ضبط طن مخدرات في الرصافة خلال 10 أشهر
الأكثر قراءة
الرأي
الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!
رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
جميع التعليقات 2
محمد سعيد
نحن نعيش مع حفنه من مرتزقه لا تعلم او ربما تنكر تاريخ هذا البلد وما صنعه السابقون والاحقون من انجازات واعمال رياديه . انها تعتقد كل ما ولد علمانيا وهو خارج الاسلمه ,خصوصا وهي قوي لم يكن لها باع طويل في تاطير تقاقه البلد وتمجيد حضا
بغداد
استاذ علي حسين لقد تبدل كل شيئ في العراق بعد ٢٠٠٣ وكأنه اصبح كوكب مجهول وسكانه كأنهم مستوطنين مجهولين وليسوا مواطنين اصليين لكي يكونون متواصلين بتمسكهم بتاريخ وتراث العراق من المؤسف فنان كبير مثل سامي عبدالحميد مؤسس مسرح بغداد تمر مناسبة تسعين سنة من عمر