TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تسعينيّة عراقي نزيه

تسعينيّة عراقي نزيه

نشر في: 21 يناير, 2018: 06:44 م

كلّما عصفت الأزمات السياسية والاجتماعية في هذه البلاد العجيبة التي استبدلت صوت ناظم الغزالي بنعيق عامر الكفيشي ، أتذكر من دون وعي مسرح بغداد، ذلك المكان الساحر الذي لم تترك خشبته الصغيرة شيئاً من هموم العراق إلّا وحاولت أن تطرحه للحوار والنقاش والسؤال، بالكلمات والموسيقى والتمثيل والأمل بعراق معافى. كان يوسف العاني ومعه زينب وناهدة الرماح وخليل شوقي وسامي عبد الحميد وزكية خليفة ومي شوقي وروميو يوسف وآزادوهي صاموئيل وفوزية عارف وعشرات الشباب والشيوخ، الذين حوّلوا الكلمات الى وطن ، والضحكات الى عراق جميل وباسم لا يُغادر الذاكرة.
كان حلم القائمين على مسرح بغداد أن يبشّروا بوطن لامكان فيه للطائفية والمذهبية والقبلية واللصوصية والانتهازية وإطلالة عواطف النعمة . واختصر خليل شوقي في النخلة والجيران أحلام جميع العراقيين بعبارة بسيطة: "هم يجي يوم ونعيش بليه هموم.. كافي تعبنه". لكن يبدو أنّ الهموم لاتريد أن تفارق هذه الأرض، وبدل أن يتّعظ العراقيون بسنوات الاضطهاد والاستبداد،، ما زالوا يتخاصمون من أجل أن لايخرج كرسيّ رئيس الوزراء من الشيعة، وأن لايترك السُّنة قبّة البرلمان. وأن يبقى منصب رئيس الجمهورية من حصة الكرد، وعكس ذلك فإن الأجندات تريد أن تمحي العراق كما أخبرنا النائب الهمام عدنان الأسدي، الذي أفشى سرّاً خطيرا لا أعتقد أنه سيثير الجدل أكثر مما يثير الضحك، ماهو السر ياصاحب شعار "الوضع تحت السيطرة"؟ يقول الأسدي إن نوري المالكي سافر الى موسكو في الاشهر الأخيرة ليطلب من فلاديمير بوتن التدخل من أجل أن لاتتأجل الانتخابات العراقية، مثل هذا المشهد الساخر لن تجده حتى عند دعبول البلّام الذي أبرع في أدائه الراحل يوسف العاني.
قبل أيام ازدحمت قاعة بيت المدى في شارع المتنبي، وكانت المناسبة الاحتفاء بذكرى تسعينية الفنان سامي عبد الحميد أحد بناة مسرح بغداد والمواطن العراقي النزيه والصادق والمحب لبلده.
وقد انتظرتُ بعد الاحتفال أياماً وسألت: هل احتفت أيّ جهة أو مؤسسة عراقية بهذه المناسبة؟ ولم أستدل على أي شيء بهذا المعنى.
والغريب أنّ المؤسسة الوحيدة التي قضى فيها سامي عبد الحميد مُعظم سنوات حياته المهنية والفنية هي كلية الفنون الجميلة لم تفعل شيئاً بمُناسبة مرور تسعين عاماً على ميلاد هذا الفنان الكبير. وكأنّ الموضوع لايستحق الاهتمام ولا التذكر ولا حتى الإشارة!
تعاملت وسائل إعلامنا العزيزة مع المناسبة على أنها خبر صغير عادي في زحمة أخبار التحالفات الانتخابية التي لايزال أصحابها مصرّين على أنهم يمثلون هذا الوطن وليس دول الجوار!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. محمد سعيد

    نحن نعيش مع حفنه من مرتزقه لا تعلم او ربما تنكر تاريخ هذا البلد وما صنعه السابقون والاحقون من انجازات واعمال رياديه . انها تعتقد كل ما ولد علمانيا وهو خارج الاسلمه ,خصوصا وهي قوي لم يكن لها باع طويل في تاطير تقاقه البلد وتمجيد حضا

  2. بغداد

    استاذ علي حسين لقد تبدل كل شيئ في العراق بعد ٢٠٠٣ وكأنه اصبح كوكب مجهول وسكانه كأنهم مستوطنين مجهولين وليسوا مواطنين اصليين لكي يكونون متواصلين بتمسكهم بتاريخ وتراث العراق من المؤسف فنان كبير مثل سامي عبدالحميد مؤسس مسرح بغداد تمر مناسبة تسعين سنة من عمر

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram