TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الانتخابات إنْ جرت في الموعد أم تأجّلت !

الانتخابات إنْ جرت في الموعد أم تأجّلت !

نشر في: 20 يناير, 2018: 04:09 م

adnan.h@almadapaper.net

 

بحماسة منقطعة النظير يدافع المطالبون بتأجيل الانتخابات البرلمانية والمحلية عن مطلبهم هذا ومبرّراته. وبحماسة مماثلة يدافع المطالبون بالالتزام بالموعد الذي حدّدته الحكومة عن مطلبهم ومبرّراته.
الداعون إلى التأجيل يتذرّعون بقضية النازحين وعدم مناسبة الظروف لإجراء الانتخابات في المناطق التي احتلّها داعش، والنازحون ليسوا بعدد محدود يمكن تجاوزه، فهم الآن نحو مليونين ونصف المليون بعدما بلغوا في ذروة النزوح نحو ستة ملايين. من جانبهم، الداعون الى التمسّك بالموعد يُحيلون إلى أنّ الانتخابات في موعدها استحقاق دستوري متوجّب، وما من سلطة لديها الحقّ في تقرير التأجيل.
بعد فشل مجلس النواب المتكرّر في إيجاد مخرج لهذه الإشكالية، تتّجه الانظار الآن إلى المحكمة الاتحادية للفصل في الأمر.
بصرف النظر عمّا إذا كان القرار القضائي المُنتظر سيُحقّق رغبة وإرادة هذا الطرف أو ذاك، فإن ممّا يؤاخذ عليه كلا طرفي القضية المختلف عليها، وهم أفراد الطبقة السياسية من النواب والوزراء والقيادات السياسية، إنهم على مدى السنوات الأربع الماضية لم ينمّ عنهم أيّ قدر من الحماسة حيال تهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات في موعدها .. لقد تعاملوا مع الأمر كما لو أنّ داعش باق إلى الأبد.
قبل ثلاث سنوات بدأت معارك التحرير، انطلاقاً من مدينة تكريت. طوال هذه الفترة لم يكن هناك الكثير من العمل لإعادة إعمار المناطق المُحرَّرة وتطبيع الحياة فيها، ولهذا بقيت حتى اليوم أعداد غفيرة من النازحين تسكن المخيّمات البائسة، غير قادرة على العودة إلى مساكنها واستئناف حياتها الطبيعية في مناطقها. حتى الذين أفلحوا في العودة فإنما كان لهم ذلك بجهودهم الذاتية في الغالب، ولم تزل معظم المدن المُحرّرة تفتقر إلى الخدمات العامة الأساس.
الحكومة الاتحادية وإدارات المحافظات كان يمكنها أن تذلِّل الكثير من العقبات التي اعترضت الطريق لحلّ مشكلة عودة النازحين بوضع خطط لهذا الغرض بالتعاون مع حكومات الدول الأخرى والمنظمات الدولية.
في الشهر المقبل يُعقد في الكويت مؤتمر يجتمع فيه ممثلو الدول والمنظمات التي ستنخرط في عملية إعادة الإعمار في المناطق المتضررة من داعش. لماذا انتظرنا كل هذا الوقت؟ لماذا لم يجرِ العمل في سبيل عقد المؤتمر قبل سنة مثلاً؟ .. بالطبع لا يتعيّن توقّع المعجزة بعد انتهاء المؤتمر، فالدول والمنظمات المشاركة لها تجارب مريرة معنا .. إنها تخشى الآن أن تمتدّ الأيدي الطويلة للفاسدين الكثر إلى مِنَحها وهِباتها وقروضها الموجّهة إلى الإعمارمثلما سبق أن امتدّت هذه الأيدي الى تخصيصات النازحين.
تسابقت في الأشهر الأخيرة المصارف المحلية، الحكومية، في الإعلان عن تقديمها السِلف المالية إلى الموظفين والمتقاعدين وسواهم لتصريف الكتلة المالية الكبيرة المتجمّعة لديها. السؤال: لماذا لم تعمل هذه المصارف، بالتعاون مع الحكومة وبضمانها، على تقديم السِلف المُيسَّرة إلى النازحين لمساعدتهم في إعادة بناء بيوتهم والعودة إليها؟
سواء أُجريت الانتخابات في موعدها الدستوري أم تأجلت، فإن العراقيين بأغلبيتهم الساحقة لا تنتظر خيراً من هذه الطبقة السياسية الفاسدة التي تتحمّل كامل المسؤولية عن كل ما جرى ويجري الآن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. الشمري فاروق

    لماذا لا تعطى السلف الى المواطنين المتضررين فعلا لاصلاح دورهم ...ولأماد طويله...حيث من الممكن استيفاء هذه المبالغ... اما ترك اعمار الدور التي تهدمت وتضررت لاعضاء مجالس المحافظات او المحافظين فأني اجزم ان الكثير من الاموال التي ستخصص ستتعرض الى السرقه م

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram