TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مقلــب العبــادي

مقلــب العبــادي

نشر في: 15 يناير, 2018: 05:44 م

adnan.h@almadapaper.net

 

لم يخيّب رئيس الوزراء حيدر العبادي ظنّ الذين تشكّكوا كثيراً في ما كان يقوله ويتعهّد به لجهة تحقيق الإصلاحات السياسية والإدارية وشنِّ حرب ضروس على الفساد الإداري والمالي شبيهة بالحرب على داعش.
ها هو العبادي يتبدّى أخيراً بوصفه من الطينة نفسها المعمول منها سائر زعامات وقيادات العمليّة السياسيّة المتواصلة منذ 2003، ولا يفرق عنهم في شيء البتّة.
العبادي يشكّل كياناً سياسياً مستقلاً عن حزب الدعوة الإسلامية الذي هو أحد قيادييه.. أمر لا ضير ولا عجب فيه، فهذا حقّ له كما هو حقّ لغيره. العبادي يشكّل ائتلافاً ويدخل في تحالف مع كيانات أخرى لخوض الانتخابات المقبلة.. حقّ له أيضاً ولا ضير فيه.
ما فيه ضير أنّ العبادي يشكّل كيانه وائتلافه من لون طائفي واحد (شيعي) - دعكم من بعض البهار (السنّي) المرشوش على”الطبخة”لزوم ذرّ الرماد في العيون - بعدما كان لا يملّ الحديث عن الكيان أو الائتلاف ذي الهوية الوطنية العامة الشاملة، العابر للطائفة والقومية.
وما فيه أكبر الضير أنّ ائتلاف العبادي الهادف الى إدارة الدولة في السنوات الأربع المقبلة، يضمّ وجوهاً سياسية، وغير سياسية، أكل الدهر عليها وشرب، وبعضها متّهم بالفساد الإداري والمالي، بل إنّ البعض مُعترفٌ علناً على شاشات الفضائيات بأنه شخصياً فاسد ويقبض الملايين، وأنّ سائر أفراد الطبقة السياسية فاسدون مثله ويقبضون الملايين!
على مدى فترة ولايته، وبالأخص منذ منتصف 2015 صدّع العبادي الرؤوس بعزمه على الإصلاح ومكافحة الفساد. ومنذ انتهاء المعارك مع داعش أعطى الوعود القاطعة بإشعال نار حرب على الفاسدين والمفسدين على شاكلة الحرب على داعش، لكن من الواضح الآن أنه سيجلب إلى البرلمان القادم وربما أيضاً إلى الحكومة القادمة الراغب في تشكيلها برئاسته، مَنْ هم أولى من غيرهم بالإصلاح ومكافحة الفساد.
منذ أن تواكل العبادي عن تطبيق حزمتيه الإصلاحيّتين، بالرغم من أنّ القدر قد جاد عليه بظروف مثالية لتحقيق الإصلاح السياسي والإداري، وبالذات تأييد الحركة الاحتجاجية الشعبية والمرجعية الدينية العليا في النجف، صار واضحاً أنّ العبادي ليس هو الطبيب الكفيل بعلاج مرض الفشل الذي تكابده الدولة العراقية بسبب سياسات أسلافه، فمن غير الممكن أن يحقّق العبادي وعوده الكبيرة، وبخاصة على صعيد الإصلاح، بطاقم أثبت فشله في الحكومات والمجالس السابقة، وليس ممكناً أيضاً أن يفي العبادي بتعهداته الكثيرة بشأن مكافحة الفساد الإداري والمالي بطاقم فاسد، أو ملغوم بعدد من الفاسدين.
على أية حال، العبادي ليس الوحيد في هذا.. سائر قادة الائتلافات التي سجّلت نفسها لخوض الانتخابات المقبلة لا تختلف صورتهم على هذا الصعيد عن صورة العبادي، فأغلبهم قد ضمّ إلى قوائمه وجوهاً مُستهلكة وفاشلة وفاسدة... لكنّ مقلب العبادي هو أكبر المقالب الانتخابية كلّها من دون أدنى شكّ، نسبة إلى وعوده وتعهداته!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين مادام هؤلاء الحثالات اغوات العملية السياسية برمتهم هم عبيداً لساداتهم وكبرائهم شياطين الأنس ( القوى العظمى التي أتت بهم كحرامية وقتلة مأجورين بالوكالة) فالسيناريو لن يتغير والدمى لن تتغير وحيدر أغا مثل دوره على أساس بطل العالم شمشوم الجبا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram