بعد مائتي عام من صدور التحفة القوطية الشهيرة " فرانكشتاين" للكاتبة الإنكليزية ماري شيلي ، هذه دراسة جديدة تتتبع أثرها ككاتبة تركت بصمتها بقوة على الأدب العالمي ، فقبل 200 سنة بالضبط في يناير / شباط 1818 تم نشر رواية فرانكشتاين التي سرعان ما حازت على الإعجاب ، لكنها صدمت النقاد لأنها صورت خلق رجل من صنع الإنسان طوله 8 أقدام أصفر العينين في مختبر من قبل طالب يدعى فيكتور فرانكنشتاين ، الروائية شيلي كانت تبلغ من العمر 18 عاماً حينما كتبت هذه الرواية ، فمن هي تلك المرأة التي تردد اسمها حتى الآن ؟ وكيف عاشت ؟ سامبسون تناولت كل ذلك في سيرة ذاتية تقول عنها أنها راجعت الكثير من المجلات والرسائل للعثور على أدلة يمكن من خلالها الوصول إلى حقيقة مشاعرها وتجربتها في كتابة الرواية حيث تناولت في فصلها الأول البداية الأولى لحقيقة قلقها عندما توفيت والدتها التي كانت من أشد المدافعات عن حقوق المرأة بعد عشرة أيام من ولادتها عام 1797، فقد كان أمراً شائعاً للأطباء أن تصاب النساء بمضاعفات الولادة والكثير منهن رحلن إلى العالم الآخر كما تخبرنا سامبسون بسبب الأخطاء أو التلوث .
قصة حياة ماري مليئة بالنضال والمأساة منذ بدايات حياتها الأولى ، أخذت الكثير ممن كانت والدتها ماري وولستونكرافت تتميز به على الصعيد الإنساني ، فهي أيضا مؤيدة لروح المرأة المثقفة التي تعمل وتكتب على الرغم من محاولة اخفائها الكثير من معاناتها التي لا يمكن تصورها منها والدها الكاتب والمفكر ويليام غودوين الذي تزوج عقب وفاة والدتها امرأة لم تستطع الانسجام معها ، ولما كان في أمس الحاجة إلى رجل غني يدعمه ماليا بسبب تعرضه لخسارة أمواله في المضاربات المالية فكان أن اختار الشاعر بيرسي بيش شيلي الوريث لإحدى العائلات الإنكليزية الثرية زوجاً لابنته ماري فقام بتغطية مصاريفه وخساراته ، وعند تعرفها بشيلي الذي رأى فيها من يفهمه ويجاريه في الفلسفة والشعر فتحابا مع أنه كان متزوجاً من هارييت وستبروك التي كانت من طبقة اجتماعية أدنى ، فهربا معاً إلى فرنسا ثم إيطاليا حيث أقاما ما تبقى من حياة زوجها خلا زيارات متقطعة لإنكلترا ، تزوجت شيلي بعد انتحار زوجته الأولى عام 1818 وأنجبا عدة أطفال لم يبق منهم على قيد الحياة سوى واحد هو برسي فلورنس ، هروب ماري في ذلك الوقت دمر سمعة عائلتها ما حدى بشقيقتها أن تقتل نفسها حين لم تبق في يديها أية فرصة لمواجهة الناس بما حصل لشقيقتها ، أما زوجة شيلي هارييت فانتحرت هي أيضا عام 1818 مع أنها كانت حامل .
بعد عامين تعرفت ماريا وزوجها على الشاعر اللورد بايرون على ضفاف بحيرة ليمان في سويسرا اللذان سافرا إليها ونشأت بينهم صداقة وتفاهم متبادل وحوار أدبي وفلسفي وبتشجيع من بايرون وزوجها بدأت ماري كتابة أولى رواياتها وأهمها " فرانكنشتاين " في 1818 ، ومع أن الرواية تنتمي إلى النوع القوطي الذي تعالج الكاتبة فيه موضوعات الغرائبية وما وراء الطبيعة في عالم الأحلام والأشباح والأرواح ، إلا أنها كانت على علاقة وطيدة أيضاً بالحركة الإبداعية الرومانسية التي كانت الكاتبة مخلصة لها ، لكن لعنة فرانكشتاين ظلت تلاحقها فكل واحد من الأطفال الثلاثة الذين أخذوهم معهم إلى إيطاليا سيتوفون في غضون ثلاث سنوات ولسوف يتعين عليها فعل أي شيء لاسترضاء شيلي ، إنها مرعوبة من أن تصبح زوجة مهجورة مثل هارييت ، حيث قالت عند وفاة ابنها وليام البالغ
من العمر ثلاث سنوات والتي أصيبت بمرض الكآبة بسببه فيما بعد :
"أنا لا أعرف أبداً لحظة واحدة من البؤس واليأس اللذان تملكاني "، وكتبت في رسالة أخرى لأحد الأصدقاء حول حالة زوجها :
" بيرسي هو يمزح الآن مع نساء أخريات وكتابة قصائد لهم ، وماذا يذهب ويفعل بعد ذلك لا أدري ؟ " ، لكنه بعد تلك الرسالة يذهب ليستأجر قارب قبالة ساحل إيطاليا الذي انقلب به وليغرق في سن ال 29 عاماً .
سامبسون تكتب في نهاية كتابها عن ماري شيلي :
" لم تعلم أنها ستعيش على الدوام من خلال خلقها الخيالي الذي يكشف وبشكل فريد عن روح لا تهدأ من أوقات حية ورومانسية مع كل ما لاقته من آلام " .
عن / صحيفة ديلي ميل اللندنية