adnan.h@almadapaper.net
الصحافيون يشكّلون في هذه البلاد واحدة من أكثر الفئات الاجتماعية ضعفاً.. هذا ما يؤكده واقع أنّهم ومهنتهم والمؤسسات التي يعملون فيها، يتعرّضون على مدار الساعة لاعتداءات وتجاوزات سافرة، فيما يجري انتهاك حقوقهم على نحو صارخ.
الدستور يُلزم الدولة بكفالة الحقّ الأساس للصحافيين وهو حرية عملهم. المادة 38 نصّت على أنّ الدولة تكفل:”حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل”و"حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.”هناك أيضاً قانون شرّعه مجلس النواب على عجل في 2011 يحمل عنوان”قانون حقوق الصحافيين"، لكنّه في الواقع لم يضمن حتى أبسط الحقوق المهنية للصحافيين، فتحوّل في التطبيق إلى قانون يصحّ أن يكون عنوانه”قانون حق الحكومة على الصحافيين"، لأنه على الأرض قيّد حقوق الصحافيين وأطلق يد أجهزة الحكومة في التعدّي على الصحافيين وحقوقهم، ولم يضمن ملاحقة المعتدين على الصحافيين ومؤسساتهم، بمن فيهم قتلتهم، وتقديمهم إلى القضاء.
أول من أمس، السبت، أصدرت (وحدة الرصد) في النقابة الوطنية للصحافيين في العراق تقريرها السنوي المتعلّق بالانتهاكات ضد الصحافيين خلال السنة الماضية، وفي الوقت نفسه أصدر مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحافيين تقريراً مماثلاً حول أوضاع الصحافيين في إقليم كردستان.
التقريران يعزّزان ما يجيء كل سنة في تقارير المنظمات الدولية ذات العلاقة التي تصنّف العراق في آخر قائمة الدول التي تتوفر فيها الحماية للصحافيين وحقوقهم وتراعى فيها حرية التعبير.
رصد التقريران الانتهاكات التي تعرّض لها الصحافيون ومؤسساتهم ليس فقط من جانب تنظيم داعش الإرهابي، وإنما أيضاً من جانب مؤسسات الدولة وأجهزة الحكومة والجماعات المسلحة العاملة خارج القانون وإدارات المؤسسات الإعلامية والصحافية في عموم العراق بما فيه إقليم كردستان.. التقريران وثّقا بالتفصيل انتهاكات بالمئات.إنه رقم مهول في الواقع.
يقف وراء هذا أن الطبقة السياسية الحاكمة في العراق، بما فيه إقليم كردستان، لا تؤمن بأي مستوى بالديمقراطية وقيمها، مع أنها تحكم البلاد باسم الديمقراطية، وقد تولّت السلطة بالوسائل الديمقراطية. وسبب رئيس آخر يقف وراء هذا الكمّ الهائل من الانتهاكات هو عدم وجود نقابات ومنظمات مهنية صحافية وإعلامية حقيقية فعاّلة تقوم بواجبها في الدفاع عن حقوق الصحافيين وحريتهم والتصدّي للاعتداءات التي يتعرّضون لها الصحافيون. معظم النقابات والمنظمات القائمة تتملّق الحكومة وأجهزتها وجعلت من أنفسها أبواقاً على الطريقة نفسها التي كانت تعمل بها في عهد نظام صدام.
تقريرا النقابة الوطنية للصحافيين ومركز ميترو يؤكدان من جديد الحاجة الماسّة لتعديل قانون الصحافيين على نحو جوهري بما يجعله ضامناً وكافلاً لحقوق الصحافيين، ولتشريع قانون حقّ الوصول الى المعلومات بحريّة وحقّ نشرها بحريّة.
حريّة الصحافة وكفالة حقوق الصحافيين شرط من الشروط اللازمة للنظام الديمقراطي.