أكدت طهران أمس (السبت) مجدداً رفضها لأي تعديل للاتفاق النووي الذي أبرمته مع القوى الكبرى، رداً على إمهال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأوروبيين لـ «التصدي للثغرات الفظيعة» في الاتفاق، وإلا فإن بلاده ستنسحب منه. وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في البيان إن "إيران لن تتخذ اي اجراء بعيد عن التزاماتها في إطار الاتفاق النووي، ولن تقبل بأي تعديل لهذا الاتفاق لا اليوم ولا في المستقبل، ولن تسمح بربط الاتفاق النووي بقضايا أخرى" وكان الرئيس الأميركي منح أمس الاتفاق النووي الإيراني آخر تأجيل. وأكد البيت الابيض أن ترامب سيمدد تعليق العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران بموجب الاتفاق النووي، لكن "للمرة الاخيرة"
وقال ترامب في بيان «إنها المرة الاخيرة التي يتم فيها تمديد تعليق العقوبات»، مطالبا «باتفاق» مكمّل مع الاوروبيين من أجل «التصدي للثغرات الفظيعة» في نص الاتفاق النووي الذي تدافع عنه بقية الدول الموقعة عليه، لاعتبارها أنه سيمنع إيران من الحصول على سلاح نووي.
وحذر ترامب إنه «في غياب اتفاق (مكمّل) كهذا» مع الاوروبيين، فإنّ الولايات المتحدة ستعيد فرض العقوبات المرتبطة ببرنامج ايران النووي، الامر الذي يعني نهاية الاتفاق النووي الذي تم توقيعه قبل عامين ونصف عام في فيينا.
وتابع "اذا شعرت في أي وقت بأن اتفاقاً (نوويا) مثل هذا ليس في صالحنا، فسأنسحب فورا منه" وأكد ترامب إن "النظام الايراني اول دولة داعمة للارهاب في العالم»، متهماً اياه بانه «موّل وسلح ودرب اكثر من مئة ألف مقاتل بغية تدمير الشرق الاوسط" ونقلت وسائل إعلام رسمية عن وزارة الخارجية الإيرانية وصفها العقوبات على لاريجاني بأنها ”عمل عدائي“ مضيفة أن الخطوة ”تتجاوز جميع الخطوط الحمراء للسلوك في المجتمع الدولي وتمثل انتهاكا للقانون الدولي وسترد عليه بالتأكيد الجمهورية الإسلامية بجدية“.. وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال في وقت سابق على تويتر إن الاتفاق ”غير قابل لإعادة التفاوض عليه“ وإن موقف ترامب ”يرقى إلى حد محاولة يائسة لتقويض اتفاق قوي متعدد الأطراف“.
وتقول إيران إن برنامجها النووي أهدافه سلمية بحتة وإنها ستلتزم بالاتفاق طالما احترمه الآخرون لكنها ”ستمزقه“ إذا انسحبت الولايات المتحدة.
واعتبر وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الجمعة ان تحذيرات ترامب في شأن الاتفاق النووي هي «محاولات يائسة»، لتقويض اتفاق غير قابل لاعادة التفاوض. وكتب على «تويتر» إن «سياسة ترامب وإعلان اليوم، يشكلان محاولات يائسة لتقويض اتفاق متين متعدد الأطراف" .
وأكد أنه "لا يمكن اعادة التفاوض على الاتفاق، وبدلاً من تكرار الخطاب المتعب، يجب على الولايات المتحدة ان تحترم نفسها تماما مثل ايران". وفي وجه اعتراض ترامب، كان الاوروبيون الذين اجتمعوا الخميس في بروكسيل، دافعوا عن الاتفاق النووي الذي يمنع ايران من تطوير برنامجها النووي العسكري، مقابل رفع تدريجي لبعض العقوبات الاقتصادية عنها. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغيريني، إن "الاتفاق النووي يجعل العالم أكثر أماناً، ويحول دون سباق محتمل إلى التسلح النووي في المنطقة" .
ودافعت برلين ولندن مجدداً عن الاتفاق النووي، وقالتا بحذر انهما تريدان «مناقشة» الامر مع شركائهما الاوروبيين.
وعلى رغم موافقة ترامب على تمديد تجميد العقوبات على إيران، إلا أنه اختار ابقاء الضغط عليها من خلال فرض عقوبات جديدة تستهدف 14 من الأفراد او الكيانات الإيرانية، من بينهم رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني، بسبب «انتهاك حقوق الإنسان» أو لانها على صلة بالبرنامج الباليستي لطهران.
وأوضح مسؤول كبير في ادارة ترامب إن وجود لاريجاني على قائمة العقوبات «سيكون له تداعيات سياسية خطرة»، لأن الغاية من ذلك ضرب "رأس النظام". واعتبرت وزارة الخزانة الاميركية إن لاريجاني مسؤول عن تنفيذ أحكام "تتنافى مع الموجبات الدولية لإيران، بما فيها إعدام اشخاص كانوا قاصرين حين ارتكبوا جرائمهم، أو تعذيب سجناء في ايران". وطاولت العقوبات ايضا السجن المعروف باسم «رجائي شهر»، حيث «يعتقل عدد كبير من الايرانيين الذين تظاهروا أخيراً ضد حكومتهم» ضمن موجة تظاهرات خلفت 21 قتيلاً، بالاضافة الى صناعات دفاع ايرانية والمجلس الاعلى للفضاء الالكتروني ومنظمة للدفاع الالكتروني تابعة للحرس الثوري.
من جهة اخرى ركزت الصحافة الإيرانية الصادرة، امس السبت، على قرار الرئيس الأمريكى بتمديد قانون تجميد العقوبات الأميركية عن طهران، وعلى الصعيد الداخلي يواصل إعلام طهران مناقشة الاحتجاجات العارمة التي اشتعلت فى إيران الأسبوع الأخيرة من كانون الاول الماضي، فضلًا عن وضع العمال الإيرانيين العالقين فى ناقلة النفط التي اشتعلت بها النيران منذ أيام في مياه شنغهاي.
وفي سياق الاتفاق النووي، هاجمت صحيفة جوان المتشددة والمقربة من الحرس الثوري ترامب، وكتبت على صدر صفحتها تمديد الاتفاق النووي بالتزامن مع التهديد وفرض عقوبات جديدة، وكتب سجاد مرادي في مقالة بالصحيفة نفسها، أن الآنسحاب من الاتفاقية سيضر بالصورة الدولية للسياسة الخارجية الأميركية، وسيظهرها كبلد لا يمكن الثقة في سياستها الخارجية. وفي صحيفة إيران الحكومية، قال حشمت الله فلاحت بيشه، أن هدف ترامب من قراره الأخير هو منع طهران من الآنتفاع من الاتفاقية النووية، حتى أن تمديد تجميد العقوبات صاحبه فرض عقوبات جديدة على كيانات ,أشخاص فى إيران.