كتبنا ما فيه الكفاية عن القبح، ما فيه الكفاية عن تردي الاوضاع الامنية والاقتصادية وفي ما وصل اليه المجتمع، وقلنا إن الاحزاب الاسلامية التي توالت على كراسي السلطات عاثت في البلاد فساداً، وخربت النفوس، فتقهقرت جراء ذلك عجلة النمو وتراجعت مفاهيم عظمى مثل الانسانية والتدين والمواقف الوطنية والقومية، وكان لخلافاتها الأثر الواضح في النتائج التي وصلنا لها مجتمعين. ثم ماذا؟ هل تغيرت الصورة، وهل صدق الشعب في تصديه لهم، وهل هناك في الأفق ثمة من يلوّح بالتغيير؟ نحن- الشعب أقصد- ومن خلال ما نقرأ ونشاهد بلغنا مرحلة اليأس. هذه بلاد لن يغيّر من سوئها أحد، فلنترك ذلك للقدر، ما بنا لا يصلحه أعتى المتفائلين.
ولأن الحال هذه ستبقى الى أمد غير معلوم، وهذا ما نلمسه من خلال قانون الانتخابات ومن ثم التحالفات، هذه الخلطات العجيبة بين قوى اليسار واليمين، لذا أقترح على العراقيين أن يخلصوا الى نتيجة واحدة، هي أنْ لا شيء سيحدث، وستعود الوجوه ذاتها وإنْ بثياب جديدة، وستدور رحى الفساد ثانية، وسيمسك الهؤلاء بناصية الحكم ثالثة ورابعة وخامسة، ومن سمع كلام الدكتور خلف عبد الصمد في لقاء له على احدى الفضائيات، سيعلم أن الآلية التي اعتمدها حزب الدعوة تقوم على قاعدة(تريد أرنب أخذ غزال..) حيث قال بالحرف الواحد بأن المالكي سيدخل بقائمة مثلما سيدخل العبادي بقائمة أخرى، فمن أراد المالكي ستذهب أصواته الى العبادي إن أخفق، ومن أراد العبادي ستذهب أصواته الى المالكي إن أخفق هو الآخر، وبالنتيجة سيكون حزب الدعوة قد أجاد اللعبة، وتعلم الدرس الذي أخفق فيه بانتخابات 2014، وما القوى الداخلة معه إلا لترجيح كفته، لا أكثر.
واضح ان السيد العبادي لن يفعل شيئاً للفاسدين الكبار في المرحلة التي تسبق الانتخابات، لأن صورة حزب الدعوة والقوى المتحالفة معه ستهتز كثيراً، بما يؤثر على نتائج الانتخابات، هو مصغ من طراز رفيع للذين يحيطونه من الكبار، وواضح أن صغار الفاسدين هم الذين سيكونون كبش فداء المرحلة هذه، كيما لا يقال إنه تراجع عن مشروعه في الضرب بيد الحديد، الذي دوّخنا به، دونما متحقق فعلي. أما من يعوّل على زحزحة حزب الدعوة والمجيئ بأسماء من خارجه فنقول: لا يلوح في الافق احداً، لم يعد إياد علاوي رقماً في المعادلة الجديدة، ولن تتمكن القوائم السنية من ترشيح أحدٍ، ولن يكون برهم صالح فرس رهان كوردي، كذلك سيكون حال رجال التنظيمات المسلحة التي حاربت داعش، هناك حظ وافر للعبادي للفوز في المرحلة القادمة، يعززه ما في حقيبة المالكي من الأصوات التي سيكون مضطراً لإفراغها في صندوقه، لأنه القادر الوحيد على حمايته من المساءلة في قضية ضياع الاموال وسقوط المحافظات الاربع.
ما ينتظرنا أسوأ مما فاتنا، فلا يتفاءلنَّ أحدٌ بالتغيير، هذه أحزاب ملكت السلطة والمال والتشريع والمكنة الاعلامية ومكبرات الصوت والمنابر والمآذن وتفننت في إدارة الملفات، وهذا شعب طحنته آلة الموت واليأس والعوز، تمزقت راية التغيير في عينه ونام.
تمزّقت رايةُ التغيير في عينهِ ونام
[post-views]
نشر في: 13 يناير, 2018: 09:01 م